تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حينما نقرأ كلام الألوسي (محمود الألوسي أبو الفضل، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي – بيروت) نرى أنه ذهب إلى نفس الاحتمال (تسميتها روح خبيثة)، في معرض تفسيره للأمراض، عندما قال:

إن الهواء إذا تعفن تعفنا مخصوصا مستعدا للخلط والتكوين، تنفرز منه وتنحاز أجزاء سمية باقية على هوائيتها، أو منقلبة بأجزاء نارية محرقة، فيتعلق بها روح خبيثة تناسبها في الشرارة، وذلك نوع من الجن فإنها على ما عرف في الكلام أجسام حية لا ترى، الغالب عليها الهوائية أو النارية، ولها أنواع عقلاء وغير عقلاء تتوالد وتتكون، فإذا نزل واحد منها طبعا، أو إرادة، على شخص أو نفذ في منافذه أو ضرب وطعن نفسه به، يحصل فيه بحسب ما في ذلك الشر من القوة السمية، وما في الشخص من الاستعداد للتأثر منه كما هو مقتضى الأسباب العادية في المسببات، ألم شديد مهلك غالبا مظهر للدماميل والبثرات في الأكثر بسبب إفساده للمزاج المستعد ...

من الواضح أن كلام ابن القيم، والألوسي فيه إشارة صريحة إلى تأثير الميكروبات والجراثيم، التي عبرا عنها بالأرواح الخبيثة (الجن) أو الأرواح الشيطانية، في جسم الإنسان، وأن إصابة الإنسان بالأمراض كالطاعون والدماميل والبثرات وغيره ... هي مفعول قدرتها على الجري في شرايينه ودمه. كما عبر الألوسي على ما يعرف اليوم بالمناعة ب"الاستعداد للتأثر" ...

بعد تطور الطب وعلم المجهريات والميكروبيولوجيا ثبت، بما لا يدعو للشك، أن الطاعون تسببه الكائنات المجهرية، فالسبب الأصلي في الوباء، بالنسبة لبعض العلماء، هو تسليط الله تعالى نوعا من الجن والأرواح الشيطانية أو الخبيثة على بني آدم، بإفساد هوائهم ودمهم، فيتولد عن ذلك تلك الغدد الطاعونية والأوبئة الفتاكة، فالنص الشرعي أخبر بالسبب الغيبي وكنى عنه بوخز الجن، والأطباء اطلعوا على السبب المادي فقالوا بأنه الجراثيم ولا إشكال في ذلك. فالأعراض واحدة، والمرض واحد، والمسبب أيضا واحد: أطلق عليه الشرع اسم "الجن" (أي الكائنات التي لا ترى بالعين)، وسماه الطب "الكائنات المجهرية" (أي الكائنات التي لا ترى بالعين أيضا).

فالاختلاف بين الأطباء والفقهاء اختلاف تسمية لا اختلاف جوهر، وحتى إذا أرجعنا الأمور إلى تأصيلها اللغوي، وهو ما سبق أن فصلنا فيه، فالكائنات المجهرية تدخل في المعنى العام للجن، وعليه، نفترض أنه إذا فهم كل هذا، زال الخلاف بين الأطباء والفقهاء، لأن "الكائنات المجهرية" بمفهوم الأطباء هي ذاتها "الجن" بمفهوم الفقهاء.

فالجن "غيب" والكائنات المجهرية أيضا "غيب" أي كائنات غائبة عن حواسنا تماما كما الجن

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[23 Jun 2009, 02:25 م]ـ

وما زلت تتهرب من الإجابة عن أسئلتي الكثيرة يا أبا دعاء ..

وتستمر في نقل ما يحلوا لك وتؤوله بطريقتك، وكأن من تذكر أسماءهم يوافقونك على تأويلك ..

هل الألوسي وابن القيم يقولون بقولك؟ أو حتى يشيرون اليه من بعيد أو قريب؟ لا

وهل عملت بالرأي الذي نقله الالوسي عن شيوخه المتأخرين في الجمع بين الرأيين؟ لا

اسمع الى الألوسي وهو يقول في تفسيره روح المعاني (3/ 49):

وهذا لا ينافى ما ذكره الأطباء من أن ذلك من غلبة مرة السوداء لأن ما ذكروه سبب قريب وما تشير اليه الآية سبب بعيد .. وليس بمطرد أيضا بل ولا منعكس فقد يحصل مس ولا يحصل جنون كما إذا كان المزاج قويا وقد يحصل جنون ولم يحصل مس كما إذا فسد المزاج من دون عروض أجنبى والجنون الحاصل بالمس قد يقع أحيانا وله عند أهله الحاذقين أمارات يعرفونه بها .. اهـ

وقال: وقد يدخل في بعض الاجساد على بعض الكيفيات ريح متعفن تعلقت به روح خبيثة تناسبه فيحدث الجنون أيضا على أتم وجه وربما استولى ذلك البخار على الحواس وعطلها واستقلت تلك الروح الخبيثة بالتصرف فتتكلم وتبطش وتسعى بآلات ذلك الشخص الذي قامت به من غير شعور للشخص بشئ من ذلك أصلا وهذا كالمشاهد المحسوس الذي يكاد يعد منكره مكابرا منكرا للمشاهدات. اهـ

أرأيت تفريقه بين الريح المتعفن الذي تسميه أنت ميكروبات، وبين الروح الخبيثة ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير