تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[25 Jun 2009, 11:58 م]ـ

من المفيد لكشف خطورة المدرسة العقلية في التفسير، أن أنقل كلاما مهما قاله الدكتور محمد حسين الذهبي – رحمه الله- في التفسير والمفسرون (4/ 1):

في الباب الثالث: المرحلة الثالثة للتفسير .. أو التفسير فى عصور التدوين .................

قال: في الخطوة الخامسة:

ثم خطا التفسير بعد ذلك خطوة خامسة، هي أوسع الخطا وأفسحها، امتدت من العصر العباسي إلى يومنا هذا، فبعد أن كان تدوين التفسير مقصوراً على رواية ما نُقِل عن سَلَف هذه الأمة، تجاوز بهذه الخطوة الواسعة إلى تدوين تفسير اختلط فيه الفهم العقلي بالتفسير النقلي، وكان ذلك على تدرج ملحوظ في ذلك.

تدرج التفسير العقلى: ..... فصاحب البدع، ليس له قصد إلا أن يُؤوِّل كلام الله ويُنزله على مذهبه الفاسد، وذلك كالرماني، والجبائى، والقاضي عبد الجبار، والزمخشري من المعتزلة، والطبرسي، وملا محسن الكاشي من الإمامية الإثنا عشرية ....

وهكذا فسَّر كل صاحب فن أو مذهب بما يتناسب مع فنه أو يشهد لمذهبه، وقد استمرت هذه النزعة العلمية العقلية وراجت في بعض العصور رواجاً عظيماً، كما راجت في عصرنا الحاضر تفسيرات يريد أهلها من ورائها أن يُحَمِّّلوا آيات القرآن كل العلوم، ما ظهر منها وما لم يظهر، كأن هذا فيما يبدو وجه من وجوه إعجاز القرآن وصلاحيته لأن يتمشى مع الزمن، وفى الحق أن هذا غلو منهم، وإسراف يُخرج القرآن عن مقصده الذي نزل من أجله، ويحيد به عن هدفه الذي يرمى إليه. اهـ

وقال عن تفسير الإمام محمد عبده:

تفسيره للقرآن على ضوء العلم الحديث:

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى في أول سورة الإنشقاق: {إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ}

قال: خراب هذا العالَم الذي نحن فيه، وهو يكون بحادثة من الحوادث التي قد ينجر إليه سير العالَم، كأن يمر كوكب في سيره بالقُرب من آخر فيتجاذبا فيتصادما فيضطرب نظام الشمس بأسره، ويحدث من ذلك غمام وأي غمام، يظهر في مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع، فتكون السماء قد تشققت بالغمام، واختل نظمها حال ظهوره "

قال الذهبي معقبا:

هذا التفسير من الأستاذ الإمام عمل جليل يُشكر عليه، إذ غرضه من ذلك تقريب معاني القرآن وما يُخبر به من عقول الناس، بما هو معهود عندهم ومُسَلَّم لديهم. ولكن هل لا بد في فساد الكون من أن يترتب على مثل هذه الظاهرة الكونية؟ وهل يعجز الله عن إفساده وإخلاله بأمر آخر غير ذلك؟ أليس الأولى بنا أن نؤمن بما جاء به القرآن، ولا نخوض فيما وراء ذلك من تفصيلات كما هو مذهب الشيخ؟ أحسب أن الشيخ يضرب ذلك مثلاً، ولا يريده على أنه أمر لا بد منه.

وقال:

ومثلاً عندما يعرض لتفسير سورة الفيل، بعد أن ذكر ما قيل في إرسال الطير على أبرهة، وما جاءت به بعض الروايات من أن الذي أصابهم هو داء الجدري والحصبة يقول: "وقد بيَّنت لنا هذه السورة الكريمة، أن ذلك الجدري أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش، بواسطة فِرَق عظيمة من الطير مما رسله الله مع الريح، فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض، وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس، الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات فإذا اتصل بجسده دخل في مسامه، فأثار يه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه، وإن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يُعَد من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر، وإن هذا الحيوان الصغير الذي يسمونه الآن بالميكروب لا يخرج عنها، وهو فِرَق وجماعات لا يحصى عددها إلا بارئها، ولا يتوقف ظهور أثر قُدرة الله تعالى في قهر الطاغين على أن يكون الطير في ضخامة رؤوس الجبال، ولا على أن يكون من نوع عنقاء مغرب، ولا على أن يكون له ألوان خاصة به، ولا على معرفة مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها فلله جند من كل شىء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير