تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْمَوْتَى فَتَجْتَمِعُ الْأَعْلَى يَنْزِلُ إلَى الْأَدْنَى وَالْأَدْنَى لَا يَصْعَدُ إلَى الْأَعْلَى. وَالرُّوحُ تُشْرِفُ عَلَى الْقَبْرِ وَتُعَادُ إلَى اللَّحْدِ أَحْيَانًا.

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ}. وَالْمَيِّتُ قَدْ يَعْرِفُ مَنْ يَزُورُهُ وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُقَالَ: {السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ دَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَالْمُسْتَأْخِرِين} وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال أيضا في مجموع الفتاوى (24/ 368):

وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ تَجْتَمِعُ رُوحُهُ مَعَ أَرْوَاحِ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ؟ فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أبي أيوب الأنصاري وغيره من السلف ورواه أبو حاتم في الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا عُرِجَ بِرُوحِهِ تَلَقَّتْهُ الْأَرْوَاحُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ الْأَحْيَاءِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: عَمِلَ عَمَلَ صَلَاحٍ فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْكُمْ فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُولُونَ ذُهِبَ بِهِ إلَى الْهَاوِيَةِ}. وَلَمَّا كَانَتْ أَعْمَالُ الْأَحْيَاءِ تُعْرَضُ عَلَى الْمَوْتَى كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا أُخْزَى بِهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ ". فَهَذَا اجْتِمَاعُهُمْ عِنْدَ قُدُومِهِ يَسْأَلُونَهُ فَيُجِيبُهُمْ. وَمَا اسْتِقْرَارُهُمْ فَبِحَسَبِ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ فَمَنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ أَعْلَى مِنْ مَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ؛ لَكِنَّ الْأَعْلَى يَنْزِلُ إلَى الْأَسْفَلِ وَالْأَسْفَلَ لَا يَصْعَدُ إلَى الْأَعْلَى فَيَجْتَمِعُونَ إذَا شَاءَ اللَّهُ كَمَا يَجْتَمِعُونَ فِي الدُّنْيَا مَعَ تَفَاوُتِ مَنَازِلِهِمْ وَيَتَزَاوَرُونَ.

وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَدَافِنُ مُتَبَاعِدَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ مُتَقَارِبَةً، قَدْ تَجْتَمِعُ الْأَرْوَاحُ مَعَ تَبَاعُدِ الْمَدَافِنِ وَقَدْ تَفْتَرِقُ مَعَ تَقَارُبِ الْمَدَافِنِ يُدْفَنُ الْمُؤْمِنُ عِنْدَ الْكَافِرِ وَرُوحُ هَذَا فِي الْجَنَّةِ وَرُوحُ هَذَا فِي النَّارِ وَالرَّجُلَانِ يَكُونَانِ جَالِسَيْنِ أَوْ نَائِمَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَقَلْبُ هَذَا يُنَعَّمُ وَقَلْبُ هَذَا يُعَذَّبُ وَلَيْسَ بَيْنَ الرُّوحَيْنِ اتِّصَالٌ، فَالْأَرْوَاحُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [رواه مسلم 2638] {جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ: فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ}. اهـ

وقال ابن القيم في الروح (ص17):

المسألة الثانية: وهى أن أرواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لا؟

وهي أيضاً مسألة شريفة كبيرة القدر، وجوابُها: أن الأرواح قسمان: أرواح معذبة، وأرواح منعَّمة؛ فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها، وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى، قال الله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) وهذه المعية ثابتة في الدنيا، وفي دار البرزخ، وفي دار الجزاء، و " المرء مع من أحب " في هذه الدور الثلاثة ... وقال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير