إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) أي ادخلي جملتهم وكوني معهم، وهذا يقال للروح عند الموت ... وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وأنهم (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) وأنهم (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم عند ربهم يرزقون، وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون، الثاني: أنهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم، الثالث: أن لفظ " يستبشرون " يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضاً مثل يتباشرون. اهـ بتصرف.
كيف تتصرف الروح؟
فإن قيل: كيف تتصرف الروح في هذا التزاور والتعارف؟
قلنا هذا من أصول أهل السنة، التي تظاهرت عليها أدلة الكتاب والسنة والآثار وكذا الاعتبار والعقل، وهو القول بأنه الروح ذات قائمة بنفسها تصعد، وتنزل، وتتصل، وتنفصل، وتخرج، وتذهب، وتجيء، وتتحرك، وتسكن ..
وعلى هذا أدلة كثيرة لا تحصى مبثوثة في كتب العقيدة ..
كيف تتلاقي الأرواح وقد ماتت الأجساد؟
وإن قيل: كيف تتلاقي الأرواح وقد ماتت الأجساد وفارقتها؟
فأقول: أفاد كلام ابن القيم في كتابه الروح: أن الأرواح تأخذ شكل الجسد وهيئته بعد مفارقتها له وأن الله سبحانه سوى نفس الإنسان كما سوى بدنه بل سوى بدنه كالقالب لنفسه فتسوية البدن تابع لتسوية النفس .. وساق أدلة قوية على ذلك فليراجعها من أراد الزيادة.
هل يرى الأحياء أرواح الموتى؟
وأما عن تلاقي أرواح الأحياء بالموتى فالذي يعرف - إذ إنه قد علم بالتجربة والمشاهدة - أن ذلك لا يتم إلا في حالة نوم الأحياء ..
وفي تفسير قول الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}
جاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في هذه الآية قال: بلغني أن أرواح الأحياء والأموات، تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
وقال السدي رحمه الله: تقبض الأرواح عند نيام النائم، فتقبض رُوُحه في منامه، فتلقى الأرواح بعضها بعضاً، أرواح الموتى، وأرواح النيام، فتلتقي فتُسأل، قال: فيخلي عن أرواح الأحياء، فترجع إلى أجسادها، وتريد الأخرى أن ترجع، فيحبس التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، قال: إلى بقية آجالها.
وقال ابن القيم رحمه الله:
وقد دل التقاء أرواح الأحياء والأموات، أن الحي يرى الميت في منامه، فيستخبره ويخبره الميت، بما لا يعلم الحيُ، فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل، وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلمْ به سواه، وربما أخبره بدين عليه، وذكر له شواهدَهُ وأدلتَهُ، وأبلغُ من هذا أنه يخبر بما عمله من عمل، لم يطلع عليه أحد من العالمين، وأبلغ من هذا أنه يخبره أنك تأتينا إلى وقت كذا وكذا، فيكون كما أخبر وربما أخبره عن أمور يقطعُ الحىُّ أنه لم يكن يعرفها غيرُهُ. اهـ
والصواب إن شاء الله تعالى: أن ما يتم من رؤية الأحياء لأرواح الموتى في منام أحدنا لا يعول على نتيجته شرعاً ..
وقد جمع ابن القيم في كتابه الروح آثاراً كثيرة مما عند الإمام ابن أبي الدنيا وغيره لأناس رأوا أرواح الموتى في مناماتهم، ومهما كان من أمر فالقضية لا يعول عليها كثيرا ..
وفي النوم يتوفى الله الأنفس الوفاة الصغرى فتذهب وتجيء وتصعد وتنزل وتتجول في أماكن يستحيل وهي في الجسد أن تذهب إليه ولها من السرعة والحركة والزمن ما هو كلمح البصر فترى في النوم أرواح الأموات وكذلك أرواح الأحياء ..
والله أعلم ... وجزاكم الله خيراً.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[07 Jun 2009, 07:38 ص]ـ
السلام عليكم
إن هذا القول شائع فى كلام الخطباء ويقولون ما يصل إلى درجة التخاريف مما يحمل العامة على عدم التصديق وفقدان الثقة
وإلى الآن لم يثبت دليل مقنع لكون البرزخ محل وعى وادراك وسماع وتزاور وتفاعل
وأما عن معرفة الأموات بحال الأحياء ..
فهو الصحيح المختار تبعا لما صح من أدلة ..
وليس بالضرورة أن يكون بسماعهم أصوات الأحياء في الدنيا وهم في البرزخ ..
للاختلاف الوارد في سماع الموتى ..
وكذلك لا نقول أنهم يطلعون على حال الأحياء!! لأن هذا غيب حجبه الله عن العباد الأحياء منهم والأموات ..
وإنما الثابت في صحيح الروايات أن ذلك عن طريق سؤالهم لمن مات من أهل الصلاح والخير وورد عليهم، فيقابلونه ويسألونه عن حال الأحياء ..
وفي المسألة أدلة صحيحة وعليها ظاهر الكتاب ..
إذن تقول
السماع مختلف عليه
لااطلاع على أحوال الأحياء
معرفة أحوال الأحياء عن طريق مقابلة من مات من أهل الصلاح؛
وأرى أن هذه المعرفة المفترضة لا طائل منها؛ فلماذا يعرف من مات من قرن حال أحفاده الآن؟
وكيف هى فى غير أهل الايمان
وقولك أن هناك أدلة صحيحة مردود بقولك أنها آثار موقوفة
وهذه الروايات عن الصحابة وإن كانت موقوفة فإنها في حكم المرفوع كما قاله القرطبي في التذكرة لأنها من الغيب الذي لا يقال بالرأي كما هو مقرر في الاصطلاح والأصول
ما الذي يجعل الموقوف فى حكم المرفوع؟؛ الغيب لايعرف بالرأي , ومن قال أن هذا الذى قيل أنه موقوف ليس رأيا أو كُذّب على من وُقف عنده
¥