اسمحوا لي كذلك أن أعرج على قضية العراق، فبخلاف أفغانستان، الحرب في العراق كانت باختيارنا وقد أثارت خلافات حادة في بلدي والعالم. وعلى الرغم من قناعتي أن العراق أفضل أخيرا بدون طغيان صدام حسين، فأنا أؤمن كذلك أن الأحداث في العراق تذكر أمريكا بالحاجة إلى استخدام الدبلوماسية وبناء الإجماع الدولي لحل مشاكلنا حيثما بدا ذلك ممكنا. لنا أن نتذكر- في الحقيقة- كلمات توماس جيفرسون حيث قال: "أرجو أن تنمو حكمتنا مع قوتنا، وأن نتعلم أنه حيثما قل استخدام القوة كلما كان الأمر عظيما"
اليوم، يقع على عاتق أمريكا مسؤوليتين، أن تساعد العراق على صياغة مستقبل أفضل وأن تترك العراق للعراقيين. وقد ذكرت بوضوح للشعب العراقي أننا لا نسعى إلى إنشاء قواعد ولا أية ادعاء إلى أرضهم أو مواردهم. فسيادة العراق حقها وحدها، ولذا أمرنا بإزالة قواتنا المحاربة بحلول أغسطس المقبل. ولذا سوف نبارك اتفاقنا مع الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا بإزالة قواتنا من المدن العراقية بحلول يوليو، وأن نزيل كافة قواتنا من العراق بحلول عام 2012. وسوف نساعد العراق على تدريب قواتها الأمنية وتطوير اقتصادها. إلا أننا سوف ندعم عراقا آمنة ومتحدة كشريك، وليس كوصي.
وفي النهاية، كما أن أمريكا لا يمكن أن تتسامح مع عنف المتطرفين، فلزاما علينا ألا نغير من مبادئنا. كان 11/ 09 صدمة مروعة لبلدنا، ويمكن تفهم الخوف والغضب الذين نجما، إلا أنه في بعض الأحيان أدى بنا إلى أن نتصرف بما يناقض مثلنا. ونحن بصدد أخذ تصرف ملموس لتغيير هذا المسار. فقد حرمت صراحة استخدام التعذيب من قبل الولايات المتحدة كما أمرت بإغلاق معتقل لسان جوانتانامو في مستهل العام القادم.
ومن ثم ستدافع أمريكا عن نفسها محترمة سيادة الأمم وسيادة القانون. وسوف نقوم بذلك بالمشاركة مع الجاليات المسلمة التي يطولها الخطر أيضا. فكلما كان عزل وهجر المتطرفين في الجاليات المسلمة، كما تمتعنا جميعا بالأمان.
والمصدر الرئيس الثاني للتوتر والذي يحتاج أن نناقشه هو الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم العربي.
يعرف الجميع ما بين أمريكا وإسرائيل من روابط قوية، وهذه الرابطة لن تنقطع، فهي قائمة على علاقات تاريخية وثقافية والاعتراف بتأصل الأمل في وطن قومي لليهود في التاريخ الأليم الذي لا يمكن إنكاره.
فقد عاني اليهود الاضطهاد أنحاء العالم لقرون، ووصل العداء للسامية في أوربا ذروته متمثلا في المحارق. وسوف أزور غدا منطقة "بوشين فالد" والتي كانت جزءا من شبكة المعسكرات التي استعبد فيها اليهود، وقتلوا رميا بالرصاص وخنقا بالغاز على أيد الإمبراطور الثالث. لقي حوالي 6 مليون يهودي مصرعهم، أكثر من عدد سكان إسرائيل الحالي. وإنكار هذه الحقيقة لا أساس له، موسوم بالجهل والبغض. تهديد إسرائيل بالدمار أو تكرار أنماط قبيحة عن اليهود أمر خطأ جدا، ومن شأنه أن يثير في عقول الإسرائيليين تلك الذكريات الأليمة ويمنع السلام الذي يستحقه شعب هذه المنطقة.
وعلى الجانب الآخر، لا يمكن إنكار أن الشعب الفلسطيني- مسلما ومسيحيا- قد عانى بحثا عن وطن له. فعلى مدار أكثر من 60 سنة، قد عاني ألم التشرد، وينتظر الكثير في معسكرات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المجاورة، ينتظرون حياة السلام والأمن التي لم ينعموا بها أبدا. يعانون الذل كل يوم كبيرا كان أو صغيرا الذي أتى به الاحتلال.
ولعقود عدة، بقي المأزق كما هو، شعبين بأملين شرعيين، لكل منهما تاريخه الأليم الذي يجعل من التضحية تنازلا. من السهل تبادل التهم، أن يتهم الفلسطينيون الإسرائيليين بتشريدهم إثر تأسيس دولتهم، وأن يتهم الإسرائيليون الفلسطينيين بالعداء الدائم والهجمات طوال تاريخها داخل الحدود وما ورائها. لكن إذا ما نظرنا لهذا الصراع من وجهة نظر أحادية، سوف تعمى أبصارنا عن الحقيقة. والحل الوحيد هو تحقيق آمال الطرفين عن طريق دولتين، حيث يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في سلام وأمان.
هذه هي مصلحة إسرائيل و مصلحة فلسطين ومصلحة أمريكا ومصلحة العالم. ولذا أنوي شخصيا أن أسعى إلى هذه النتيجة بكل ما تطلبه المهمة من مثابرة، والالتزامات التي اتفق عليها الطرفان في خطة الطريق واضحة، فمن أجل تحقيق السلام حان الوقت لهم ولنا جميعا أن نفي بمسؤولياتنا.
¥