تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - ولا أدري كيف استنبط القرطبي من هذه الآية أن الشيطان يسلك في الإنسان؟.

4 - لقد أعياني البحث في هذا التفسير على ما أشار إليه القرطبي من أنه رد على المخالفين فيما تقدم من التفسير، فلم أجد لذلك أثرا]

قلت: في كلامك هذا عدة تساؤلات: وجه استدلال الآية على الصرع، ووجه استنباط القرطبي بها على سلوك الشيطان في الإنسان، وأنه أول من قال ذلك ..

وأولا: لا تبعد الصرع عن الجنون والخبل .. فمعانيها مرتبطة ببعضها البعض ..

وثانيا: القرطبي استنبط من هذه الآية سلوك الجن والشيطان في جسم الإنسان من ظاهرها الواضح والذي ينبني على كلام العرب كما قرره علماء اللغة كلهم ..

وتصريحك عن القرطبي كأنه ابتدع هذا القول، هو منك تجاهل وتعمية لتعصبها برأس القرطبي، وهذا إن كان حقا فله السبق، فكيف وقد سبقه جماعة في القول بأن الآية يراد بها الصرع والجنون والخبل؟ وخذ عندك:

تذكر أن القرطبي توفي عام 671هـ فانظر الآن من سبقه بهذا القول جملة وتفصيلا:

فهذا قتادة (ت117هـ) روى الطبري (6/ 9): حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "الذين يأكلون الربا لا يقومون"، الآية، وتلك علامةُ أهل الرّبا يوم القيامة، بُعثوا وبهم خَبَلٌ من الشيطان.

والإمام عبد الرزاق الصنعاني (ت211) جاء في تفسيره (1/ 352): عبد الرزاق نا معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: (لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)، قال: هو التخييل الذي يتخبله الشيطان من الجنون.

وهذا الطبري (ت310) قال في تفسيره: يعني بذلك يتخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه وقوله من المس يعني: من الجنون فيتخبله من مسه إياه.

ويقول أبو إسحاق الزجاج (ت311): المعنى: الذين يأكلون الربا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حالة جنونه، يقال بفلان مس، وهو أَلمْسَ وأَوْلقَ: إذا كان به جنون.

وابن أبي حاتم (ت327) في تفسيره (3/ 340) وذكر ما في تفسيرها من آثار ..

وكذلك ابن المنذر (ت390) قال في تفسيره (1/ 51) أَخْبَرَنَا عليّ بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَن أَبِي عُبَيْدة: {يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}، المس من الشيطان والجن، وهُوَ اللمم وهُوَ مَا ألم بِهِ، وهُوَ الأولق والألس والزؤد، هَذَا كله من الجنون.

وقال الراغب الأصفهاني (ت على رأس المائة الخامسة) في مفردات ألفاظ القرآن (2/ 374): وكني بالمس عن الجنون. قال تعالى: {كالذي يتخبطه الشيطان من المس}.

وفي تفسير ابن أبى زمنين (ت399) وهو قرطبي أيضا (1/ 74): الذي يتخبطه الشيطان من المس يعني الخبل يعني مجنون تقول رجل مجنون أي مخبول.

وقال الماوردي (ت450) في النكت والعيون (1/ 203): بل هو من فعل الشيطان بتمكين الله له من ذلك في بعض الناس دون بعض، لأنه ظاهر القرآن وليس في العقل ما يمنعه.

وقال البغوي (ت516هـ) في تفسيره (1/ 340): قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} أي يعاملون به، وإنما خص الأكل لأنه معظم المقصود من المال {لا يَقُومُونَ} يعني يوم القيامة من قبورهم {إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ} أي يصرعه {الشَّيْطَان} أصل الخبط الضرب والوطء، وهو ضرب على غير استواء يقال: ناقة خبوط للتي تطأ الناس وتضرب الأرض.

وقال ابن الجوزي (ت579هـ) قال ابن قتيبة: لا يقومون أي يوم البعث من القبور، والمس: الجنون، يقال رجل ممسوس: أي مجنون.

أما عن كلام المفسرين فيما بعد الإمام القرطبي فكثير أرجيء نقله لما بعد ..

وهذه بعض أقوال علماء اللغة في تخبط الشيطان ومسه وأن المراد في الآية هو الصرع والجنون ولها بعض المعاني الأخرى، ولاحظ أن تسبب هذا من الشيطان والجن صريح فيما نقله هؤلاء العلماء:

قال الفيروزابادي في بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز (1/ 1412): وقوله تعالى: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} أي من الجنون يقال: به مَسٌّ أَلْسٌّ ولَمَم. وقد مُسّ فهو ممسوس.

وجاء في العباب الزاخر للصاغاني (1/ 196): وقوله تعالى: (الذي يَتَخَبَّطُه الشَّيْطانُ من المَسِّ) أي مِنَ الجُنُون، يقال: به مَسٌّ وألْسٌ ولَمَمُ، وقد مُسَّ فهو مَمْسُوْسٌ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير