تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الشوكاني في فتح القدير: أي لا يقومون من المس الذي بهم: إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان. وفي الآية دليل على فساد قول من قال: إن الصرع لا يكون من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع وقال: إن الآية خارجة على ما كانت العرب تزعمه من أن الشيطان يصرع الإنسان وليس بصحيح وإن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من أن يتخبطه الشيطان. اهـ

والعجيب أن صاحب الظلال فهم من الآية ما لم يفهمه المعتزلة أصحاب العقل قبل النقل ..

قال سيد قطب في ظلال القرآن (1/ 305): {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} وما كان أي تهديد معنوي ليبلغ إلى الحس ما تبلغه هذه الصورة المجسمة الحية المتحركة. . صورة الممسوس المصروع. . وهي صورة معروفة معهودة للناس. فالنص يستحضرها لتؤدي دورها الإيحائي في إفزاع الحس، لاستجاشة مشاعر المرابين، وهزها هزة عنيفة تخرجهم من مألوف عادتهم في نظامهم الاقتصادي؛ ومن حرصهم على ما يحققه لهم من الفائدة. اهـ

وكلامهم كثير ولو تتبعته بهمة لنقلت جميع أقوالهم ..

لكن بقي من المفسرين المشهورين بعضهم مثل: البيضاوي وأبو السعود!! وقد أنكرا دخول الجن بدن الإنسان تبعا للزمخشري في الكشاف وقالا نفس ما قال، واعتمدوا على نفس أدلته لأنهما اختصرا تفسيره ..

بينما وقف النسفي وقفة حق ورد تفسير الآية إلى مذهب أهل السنة مع أنه مختصر أيضا لتفسير الزمخشري ..

وكذلك امتنع العلامة محي الدين شيخ زاد في حواشيه تفسير البيضاوي (2/ 670) أن يسير وراء ما ذهب إليه البيضاوي تبعا للزمخشري فقال: إن أهل السنة يعتقدون بأن الشيطان يمس الإنسان ويتخبطه ويسبب له الجنون، وأن له تأثيراً في بعض أجسام الناس.

وقلت: [ومما ينبغي التنبيه إليه وتوجيه النظر له أنه قد وقع في الموسوعة الفقهية كلام خاطئ، إما عن عمد أو غير عمد، وهو أنهم ذكروا في معنى كلمة "جن" أي دخلته الجن. وعزوا هذا المعنى إلى لسان العرب والصحاح. وليس في هذين الكتابين ولا في اللغة العربية أي في اللسان العربي هذا المعنى لهذه اللفظة. فكان حقا علي التنبيه إلى هذا الخطأ الشنيع في تلك الموسوعة]

يا أخي رحمك الله لا شناعة ولا تشنيع، وما ذكروه هو الذي عليه جمهور أهل اللغة.

وأول مرجع في اللغة، كتاب الله وقد جاء فيه أن الجُنونُ لمن به جنة قال تعالى: " أم به جِنّةٌ " أي أن الجنون بسبب الجنة .. فالجنة بالكسر من الجن ..

وهذا قد عرفه صاحب الظلال فقال (6/ 111): {أفترى على الله كذباً أم به جنة؟} فما يقول مثل هذا الكلام بزعمهم إلا كاذب يفتري على الله ما لم يقله، أو مسته الجن فهو يهذي أو ينطق بالعجيب الغريب!.

وعلى هذا الذي استنكرته جمهور علماء اللغة بالاضافة إلى ألفاظ مهمة في بحثنا:

جاء في المحيط في اللغة للصاحب ابن عباد (2/ 80): الجِنِّ والمَجَنَّةُ: الجُنُوْنُ، جُنَّ الرَّجُلُ، وأجَنَّه اللَّهُ. وبه جِنَّةٌ ومَجَنَّةٌ: أي جُنُوْنٌ. ويُقال للجُنُوْنِ: جُنُنٌ. والأَجَانِيْنُ: جَمْعُ الجِنِّ.

المحيط في اللغة (2/ 247): والمَس: الجُنُوْنُ، ورَجُل مَمْسُوْس، وبه مَس.

المحيط في اللغة (2/ 384): والمُوْتَةُ: الجُنُوْنُ.

المحيط في اللغة (2/ 453): واللَّمَمُ: الجُنُوْنُ ومَسُّه.

المحيط في اللغة (1/ 365):الخَبَلُ: الجُنُون .. والخابِلُ: الجِن.

المحيط في اللغة (1/ 499):الأوْلَقُ: قيل: هو الجُنُونُ، رَجلٌ مَأْلُوْقٌ: به أوْلَقُ: أي مَسٌّ،

وفي جمهرة اللغة لابن دريد (1/ 124): والخَبَل أصله من الجنون لأن الجنَّ يسمون الخابِل، ثم سَمَوا العاشق مَخبولاً تشبيهاً بذلك.

وفي الصحاح للجوهري (2/ 149): وقال الأخفش: اللَمَمُ: المتقارب من الذنوب. واللَمَمُ أيضاً: طرفٌ من الجنون. ورجلٌ مَلْمومٌ، أي به لَمَمٌ. ويقال أيضاً: أصابت فلاناً من الجنّ لَمَّةٌ، وهو المسّ والشيء القليل.

الصحاح في اللغة (2/ 294): والأوْلَقُ: شبهُ الجنون. وقال الأعشى يصف ناقته:

وتُصبِح عن غِبِّ السُرى وكأنَّما ... ألمَّ بها من طائِفِ الجِنِّ أَوْلَقُ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير