ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[16 Jun 2009, 05:25 م]ـ
أخي جمال: أحسن الله إليك في الدارين ..
أنت بهذا الرد عندي أثبت أنك على أدب جم، وأن نفسك نقية السريرة، هكذا أحسبك والله حسيبك، فجزاك الله خيرا وبرا ..
وأسأل الله أن يجعل نقاشنا لوجهه العظيم بغية الحق والعمل به ..
أما عن خلافنا فهو لا يعدو أن يكون خلافا علميا، نصيب فيه ونخطئ، والفائز هو من اتبع رضوان الله وآمن بما قاله رسوله صلى الله عليه وسلم ..
وسأناقش معك بعض ما نختلف فيه ملتزما بأدب الحوار لأنك تستحقه بجدارة.
أولا يمينك في أن نيتك على خلاف ما قلته أنا، أسأل الله أن يجعلك بارا به، وأن تكون من أهل الصدق والصلاح ..
وأنا ما قلته من فراغ، الجمل التي وضعتها أنت ظاهرة بما فيها، على أني لم أظلمك أو أتهمك بما لم يظهر لي من كلامك، فغاية بحثك أن تقول فيه: هذا رأي وجهدي فإن كان صوابا .. كذا اتكالا على أن الإنسان قد يخطئ من حيث أراد الصواب ..
لكن جزمك بأن هذا هو الصواب بعينه، هو ما جعلني أقول ما رأيت وأنا معذور فيه ..
فلا تلمني لأنني اتبعت كلماتك التي سطرتها .. غفر الله لي ولك،وسامحني إن تجاوزت قليلا.
أما قولك في رقم (1) عن الأقوال التي نقلتها لك: وأن الله لم يتعبدنا بأقوال العلماء ..
فصدقت أخي في هذا وأنا معك فيه، ولكن الأصول العلمية تقول أنه لابد من الاهتداء باجتهاداتهم والسير على منهاجهم ..
فهل من البحث العلمي النزيه أن أتكلم عن معنى لغوي ولا أستشهد بكلام علماء اللغة؟ أو أتكلم عن التفسير بدون رأى علمائه الكبار المعروفين؟ أو أتكلم عن الحديث بدون رأي جهابذته وصيارفته المحققين؟
هذا كلام علماني لكتاب الصحافة والأدب وليس لك، فأنت رجل أكاديمي تعرف كيف تستدل وكيف تستشهد .. وأنت أنقي وأتقى لله من أن يكون هذا مذهبك ..
فالإشكال عندي أنك تنتقي لبعضهم ما يحلو لك، أليس كذلك؟ فما معنى استشهادك برأي النحاس مثلا بأن الآية (مسهم طائف) تعني الوسوسة؟ كيف يحل لك أن تأخذ برأي واحد وتترك أو تتجاهل رأي العشرات من العلماء الكبار في هذا الباب اللغوي الخطير؟
كل كتب اللغة تقول عن المس هنا أنه مس الشيطان حقيقة وأن الطائف هو الجنون واللمم .. ولن أعيد عليك ما نقلته أعلاه.
وإن كنت كما تقول تعلم هذه الأقوال وغيرها، فما كان يصح لك أن تتبع الشواذ ومن خالف الجمهور فليس هذا من العلم والفقه في شيء .. وأنت أكاديمي تعرف ذلك.
الحقيقة التي لا تخفى عليك أن هذا تجن ظاهر، فأين إنصاف الباحث؟
فأهم ما وقعت فيه في بحثك هذا، مع إبداء شدة احترامي لشخصك الكريم:
أنك لم تذكر أقوال مخالفيك، ولم تشر إليها، بل حتى لم تنقل أسماءهم لتدعوا لهم بالمغفرة .. وكان لزاما عليك أن تتناول أدلتهم بالنقد العلمي المحايد ثم تستنتج ما تريد من آراء وأفكار.
لكن بحثك يا أخي جمال: من يقرأه يقول هو يرد على السحرة والمشعوذين، وليس أئمة كبار لهم فضلهم في الإسلام وأنت تعرفهم جيدا، واعتمدوا على أدلة صحيحة صريحة في الباب ..
وإهمالك لأقوال علماء اللغة في بيان معنى كلمة كالمس أو التخبط أو الجنون مثلا هو دليل على تحيزك في عرضك للموضوع إلى رأي عزمت عليه قبل أن تبدأ البحث ..
والطريقة العلمية في الطرح: أن تستشهد وتستدل ثم تعتقد وليس العكس.
وقولك في رقم (2): من الذي قال أن لعلماء الإسلام المتقدمين أن يشرحوا الحديث ويفهموه وكذا القرآن ولا يحل لغيرهم أن يفعل هذا؟
هذا الكلام صحيح في الجملة، فباب الاجتهاد مفتوح لم يغلق، ولكن هاهنا مسألتان: الأولى أن نتقي الكلام في الغيبيات والعقائد لأن مذهب السلف فيه أعلم وأحكم ومذهب الخلف فيه تأويل وبلايا وهذا من مقررات الأصول العلمية ..
والثاني: يصح أن نجتهد ولكن ليس باختيار الشواذ وتجنب ما اتفق عليه الجمهور في معنى لغوي مثلا ..
وقولك في رقم (3): أنت في ردك لم تذكر حديثا واحدا صحيحا صريحا في الموضوع وكل ما ذكرته هو أقوال زعمت أنه لا يحل لي مخالفتها أو انك سلطت علي سيفا اسمه سيف أهل السنة والجماعة حتى تشغب على القول الآخر بأنه مبتدع وقد تصفه بما هو أشنع.
وفي هذا الكلام ثلاثة أمور:
الأول: أنني لم أذكر حديثا صحيحا؟؟ يعني أنك لم تر ذلك في ردي عليك؟
¥