تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و في ذلك يقول بيان المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية حول " التعريف الطبي للموت ": (وقد فُصِّل الأمر خلال الندوة تفصيلا كاملا، ودار نقاش طويل واف للموضوع على مدى ثلاثة أيام، وتبين للمجتمعين أنه ما من حالة تأكد فيها تشخيص موت الدماغ وجذعه وعادت إليها الحياة، وما من حالة عادت إلى الحياة بعدما توفرت فيها شروط تشخيص موت الدماغ وجذعه، وأن كل الحالات التي استشهد بها مَنْ شكك في هذا المفهوم كانت إما حالات لم يتم الالتزام فيها بمعايير التشخيص التزاما صارما، وإما حالات نجمت عن خطأ في التشخيص أو الاستنتاج أو الاستدلال). أهـ[11]

و وجه الغلط في سؤالهم: (هل هناك حالة واحدة مات فيها جذع المخ، ثم عادت لها الحياة؟)، أنّ هؤلاء المرضى لم يفارقوا الحياة بعدُ و لم تفارقهم؛ فلا معنى للسؤال عن عودتها مع إنكار وجودها أصلاً في حالهم هذا؛ فهمّ لا يعترفون بحياة هؤلاء المرضى، و ينكرون علاماتها الموجودة في أبدانهم.

و على تقدير الاعتراف بنوعٍ من الحياة لهؤلاء المرضى، فلا حجة لهم في سؤالهم هذا؛ إذ يمكن قول مثله في الاحتجاج للتعجيل بإماتة جميع من يعاني الاحتضار، و هذا باطلٌ بلا ريب.

و ليس ذلك السؤال هو محلّ الجدال فيمن يُسمّونهم بموتى المخ، و لكن الأصل في السؤال هو: هل هؤلاء المرضَى مَوتَى حقيقةً في هذا الوقت و في تلك الحال، مع وجود كثير من مظاهر الحياة فيهم، مثل أعضاء الجسم و أجهزته الحيّة القائمة بوظائفها؟!

هذا هو السؤال، بصرف النظر عن وفاتهم بعد ذلك أَم بقائهم أحياء، شأن أيّ إنسان به مرَض من الأمراض.

و قد تَجاسَر بعضهم و ادّعَى أن ما يُسَمّى بـ (موت المخّ أو موت الدماغ) هو مَوْتٌٌ حقيقيّ يقينيّ للإنسان؛ بزعمهم، حتى قال قائلهم في بحثه المقدّم لندوة " التعريف الطبي للموت ": (إنني أعتقد أن من ينكر الآن وجود تشخيص «موت المخ» كحالة إكلينيكية ومعملية محددة المعالم، وأن هذا التشخيص يعني نهاية رحلة الإنسان في الحياة الدنيا، لا يختلف كثيراً عمن ينكر أن الأرض كروية أو أنها تدور حول الشمس). [12]

و في حوارٍ مع صحيفة الأهرام - بتاريخ 14/ 5 / 2007 – سُئِل د. حمدي السيد: هل مرضي مايسمي بموتي جذع المخ أحياء أم أموات؟

فأجاب: هم موتي بالفعل، وليسوا مرضَى غيبوبة عميقة، فمرضى الغيبوبة العميقة هم أحياء , أما من أصيبوا بنزيف كامل في المخ أو أصيبوا بموت جذع المخ في الحوادث فهم أموات.أهـ[13]

و لا عِبْرة – بزعمهم أيضا - بوجود كثير مِن مظاهر و شواهد الحياة المُتعارَف عليها، في أجساد هؤلاء المرضى، مِثل القلوب الحَيّة النابضة، و أجهزة الجسم الرئيسية العاملة بكفاءة؛ بِدَعوى عدم دلالتها على حياة أصحابها، ما دام الدِّماغ أو المُخّ قد تَوقّف عن العمل و تعَطّلٍ.

و لا ننكِِر أهمية المُخّ في حياة الإنسان؛ فهي مما لا يحتاج إلى بيان، و إنما نُنكِر دلالة دائه هذا على موت المريض به، مع حياة و عمل قلبه و أعضائه و أجهزة جسمه!

نَقْض مسالك في رفع التناقض

و قد كان مِن مقتضَى القول بالموت الدماغي وجود ما يُسَمى بـ (الجثة ذات القلب النابض)، و لرفع ذلك التناقض القاطع الظاهر عمدوا إلى القول بعدم الاعتداد بحياة تلك الأعضاء، أو القول بإنكار دلالة حياتها على حياة صاحبها!

و ما ادّعوه من عدم الاعتداد بِعمل و حياة تلك الأعضاء في الدلالة على الحياة، هو مِن باب تنزيل الموجود مَنزِلة المعدوم، و هذا لا يَصْدُق إلاّ على الشيء اليسير الصغير غَير المُؤثِّر – كعدّةِ خلايا مثلاً – و لكنه لا يَصْدُق بِحالٍ على الأعضاء و أجهزة الجسم الرئيسية.

و حديثنا هنا - فيما يُسَمّونه بالموت الدماغي - عن حياة و عمل عدة أعضاءٍ و أجهزة في الجسم، و ليس عن حياة عدة خلايا و أنسجة في الجسم أو خارِجِه [14]؛ مِثال القرنيات و شرائح الجلد و الحيوانات المنوية، المحفوظة في المَعامل و المُختبرات؛ مِمّا يُلَبِسّون به على الناس.

و كذلك لا معنَى لإنكار دلالة حياة و عمل القلب - و تلك الأجهزة الرئيسية – على استمرار حياة صاحب الجسَد الموجودة فيه تلك الأعضاء الحيّة العاملة؛ لأنّا نعلمُ يقيناً أنه مُحالٌ وجود ها بهذه الحال في أجساد الأموات. و المُمارِي عليه الدليل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير