تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرابع: عدم اشتهار هذا المعنى وشيوعه إلا عند المعاصرين، فيما يظهر، بل الظاهر أنه ما صرح بما صرح به المعاصرون في هذا الباب أحد من معاصري الذهبي أو تلامذته من الحفاظ والمحدثين والمؤرخين، وما كان أكثرهم، وما أكثر من ترجم منهم للحافظ الذهبي، وما كان أحرصهم على مثل هذه التنبيهات بل على ما هو دونها بكثير، كابن عبد الهادي وابن القيم والعلائي وابن كثير وابن رافع والحسيني وغيرهم. انتهى ..

خلاصة ومجمل للشبهات والرد عليها

فمما ذكره الفريق القائل بأن كلام الذهبي على المستدرك ما هو إلا اختصار لا إقرار:

1 - قالوا أنه أكثر من المختصرات في مقتبل عمره لينتفع بها فيما بعد!!

قلنا: وهل هذا فعله ليفيد غيره ويستفيد هو أم لا؟ إن قالوا إنما فعل ذلك لنفسه! قلنا وكيف انتشرت هذه المختصرات في حياته وبعد مماته؟

فلا مناص من الاعتراف أنه اختصرها للناس ولنفسه تبعا، وإن كان ذلك كذلك، فهو مسئول أمام الله عما يقدمه للناس من دين الله عز وجل .. وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله تعالى.

2 - قالوا أنه مُختَصِر وليس للمُختَصِر إلا نقل كلام من اختصر كلامه!!

قلنا جاء على لسانه أنه اختصره وأنه علق عليه .. والمعنيان من لوازمهما التحقيق والتعليق والنقد .. لأن من إقبال المُختَصِر لأي كتاب يكون لدواعي معروفة، منها:

- أنه يختصر لطول الكتاب وكبر حجمه فيأخذ المختصر المفيد من الكتاب إرادة التيسير ..

- أو لرفع ما فيه من أحاديث واهية وباطلة فيبين ما في الكتاب من حق ويكشف الباطل ..

- أو يختصره لينقده ويعقب عليه.

والمتأمل لاختصار الذهبي يجد الهدف الأسمى من هذا الاختصار هو تبيين ما فيه من أحاديث صحيحة وضعيفة أو باطلة ..

وذلك لأن كتاب الحاكم كتاب حديث مسند وليس كتاب وعظ ورقائق أو سير ومغازي، فإقباله عليه لا يكون إلا للتعقيب والبيان عما فيه من أحاديث ضعيفة أو موضوعة وإقراره على ما فيه من أحاديث صحيحة.

بل الظاهر من فعله وتتبعه الكتاب كله من أوله وآخره أنه أراد التعليق على الأسانيد بما تراءى له وقتئذ ..

3 - قالوا أنه وصف عمله بأنه في حاجة إلى مراجعة وتحرير!!

قلنا: وهذا الكلام متى قاله وأين؟ الإجابة: قاله في كتابه سير النبلاء ..

قلنا: وهذا الكتاب من أواخر كتبه وبعد تمرسه في فن علم الحديث وتراجم رجاله، بل بعد إخراجه لأكثر كتبه وموسوعاته، فإن سير النبلاء مختصر ومستل من كتابه الكبير تاريخ الإسلام ..

وإذا كان ذلك كذلك: فقد بين أن كتابه المختصر على المستدرك يحتاج إلى تحرير ومراجعة ..

فإن قلتم أنه كان يختصر فقط، فلماذا قال أنه في حاجة إلى تحرير ومراجعة؟

أما نحن فنقول: أنه جمع وصنف ودرس وصار بفضل الله إمام عصره في الرجال مع الحافظ المزي، فمن أصبحت هذه حاله فهو بلا شك تغير اجتهاده وأصبح ما كتبه قديما في حاجة إلى مراجعة ..

وقد يكون في هذا إشارة قوية إلى أنه أقر الحاكم على أحاديث كثيرة ظهر له ضعفها فيما بعد، وهذا حق لا شك فيه، بل قوله: أن الكتاب في حاجة إلى مراجعة وتحرير هو أكبر شاهد على أنه رأى من نفسه التقصير في خدمة هذا الكتاب ولا نقول قصر في الاختصار!! وإنما قصر في الأحكام على الأسانيد وظهر له هذا بعد أن فتح الله عليه.

4 - قالوا أنه يخالف الحاكم في كتبه الأخرى فكيف يكون وافقه؟

قلنا: وهذا من أوضح الأدلة على أنه كان موافقا له أولا وقت تصنيفه مختصر المستدرك، ولما فتح الله عليه وترجم لجمهور رواة الأحاديث بان له ما كان وافق الحاكم عليه فأنكر أحاديث وضعف رواة ..

ومعرفة أن كتبه التي نقد أو خالف الحاكم فيها هي المتأخرة، أي بعد المختصر بسنين كثيرة فلا إشكال حينئذ .. وهذا من أوضح ما يكون ..

فمن جعلها حجة في أن الذهبي لم يوافق الحاكم لأنه قال بخلافه في كتبه الأخرى - كالميزان مثلا – فقد دلس على ضعاف العقول لأن الفرق بين الكتابين في وقت التأليف واضح جدا ولا يحتاج إلى برهان.

وأنا أتعجب من الأخوة الذين نقلوا أحاديث كثيرة من التلخيص وافق الحاكم عليها ثم جاؤا بما يخالفه في السير أو الميزان أو غيرهما، مستدلين بهذا أنه لا يمكن أن يقر في المختصر وينكر في غيره، فقدموا حكمه المتأخر عن الأول وحاكموا أنفسهم بما لا يجدي نفعا، لأنهم يعلمون أن كتبه الأخيرة حاكمة على كتبه الأولى ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير