فبان بهذا أن مراد المعلمي بالعلامة المشار إليها هو تلخيص الذهبي وتعقيبه على أحاديث المستدرك كما في بعض النسخ كان يرمز حرف (خ – م) أي على شرطهما و (خ) لشرط البخاري و (م) لشرط مسلم .. وهكذا.
الثانية: في قول المعلمي: وقف الذهبي في تلخيصه، فلم يتعقبه، ولا كتب علامة الصحة كعادته فيما يقر الحاكم على تصحيحه. اهـ
فيها تصريح من المعلمي على إقرار الذهبي فيما يكتبه من كلام الحاكم في التصحيح ..
ومن هذا ما قاله المعلمي أيضا في بعض تعليقاته على الفوائد للشوكاني: وقول الذهبي على شرط مسلم أراد على فرض صحته عن أبي نعيم.
أي أن الإشكال في سند الحاكم إلى شيوخ الشيخين كما هو معلوم، فإن الحاكم عندما يصحح على شرطهما أو على شرط أحدهما فإنما هذا الحكم على غير شيوخه وهذا واضح.
وبان بهذين الأمرين: رد قول من قال أن المعلمي لا يعرف عنه هذه المسألة – وهي إقرار الذهبي للحاكم – إذ إن كلامه الصريح هذا يرد هذا التخيل ويبطله.
خلاصة من الأدلة التي ساقها الأستاذ حسان عبد المنان
وقد حشر الأستاذ حسان عبد المنان في مقدمته لمسند أحمد طبعة عالم الكتب، وهو يرد على الشيخ شعيب الأرنؤوط، تحت عنوان: نقل موافقات الذهبي لتصحيحات الحاكم في المستدرك، ورقم فيها ستة عشر مسألة اعتبرها أدلة على ما ادعاه، ولا يصفوا منها له إلا قليل:
وأولها: أنه قايس مختصر الذهبي على مستدرك الحاكم بمهذب الذهبي لسنن البيهقي الكبرى!!
وأول شيء يبين أن هذا القياس مردود: أن البيهقي لم يشترط الصحة في كتابه بينما اشترطها وادعاها الحاكم، فكان تعقبه للحاكم في أحكامه على الكتاب أولى من تعقب البيهقي ..
والذهبي في مقدمة مهذب السنن قال: وقد تكلمت على كثير من الأسانيد حسب جهدي. اهـ
والأمر الثاني في إبطال هذا القياس: أن الذهبي في مهذب السنن يسكت عن أحاديث ويتعقب البيهقي في أخرى، ونحن لم نحاكم الذهبي في سكوته لا في المهذب ولا في تلخيص المستدرك، وإنما نتحاكم لنقله كلام الحاكم في التصحيح وإقراره عليه .. وبهذا لا يقاس عمله في التلخيص بالمهذب.
الثاني: في قوله (ص388) فإذا أراد أحد تلخيصه (المستدرك) فلابد إذن (كذا) من نقل رأي الحاكم في كل حديث فيذكر الحديث، ثم يذكر كلام الحاكم عليه، وإلا فقد الكتاب قيمته العلمية، وما عاد لسرد أحاديثه أي فائدة. اهـ
كذا قال أبي صهيب الكرمي، وهو يعلم أن الاختصار يفقد قيمته العلمية أكثر إن مر المختصر على الخطأ ولم يعقب عليه ..
وماذا يقول في الأحاديث التي سكت عليها الذهبي؟ أنتهمه كذلك أنه لم يحسن التلخيص؟
وماذا يقول في الأحاديث التي أوردها الحاكم ولم يتكلم عليها بشيء فتعقبه الذهبي بتصحيحها أو تضعيفها؟
الثالث: قال: أن الذهبي لم يقدم للكتاب بمقدمة كي نعرف منهجه في التلخيص.
وهذا لا يدل على شيء أبدا، وهو محقق كبير في كتب التراث ويعلم هذا جيدا، فكم من كتاب كبير لعالم جهبذ خلا من المقدمة .. وتعداد ذلك يفوق الحصر، فأي حجة في هذا؟
ثم أنه قال أن المقدمة الموضوعة ليست للذهبي، وقد يكون صحيحا ولا نجاذبه في ذلك، ولكن لماذا لا نتحاكم إليها؟ وهذا نصها كما نقلها الفاضل:
" هذا ما لخص محمد بن احمد بن عثمان ابن الذهبي من كتاب المستدرك على الصحيحين للحافظ أبي عبد الله الحاكم رحمه الله فأتى بالمتون وعلق الأسانيد وتكلم عليها " اهـ
فبان من هذه المقدمة ثبوت الاختصار للذهبي وهذا لا يشك عاقل فيه، ثم بيان طريقته وهي سرد المتون وتعليق الأسانيد والكلام عليها .. وهذا ما يخصنا هنا: وهو الكلام عليها .. ولم يستثن كما استثنى الفاضل وأول هذه الجملة الواضحة على مراده فقال:
أن العبارة الأخيرة (والكلام عليها) هي من تتمة الاختصار، وقد يراد بها أنه علق عليها حسب النشاط والاجتهاد .. كذا قال!! والكتاب كله من أوله إلى آخره عليه تعليق الذهبي سوى ما سكت عنه فمن أين أتى هذا الاستثناء؟
الرابع: قال أن جملة الذهبي (وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز عملا وتحريرا) يراد بها أنه لم يتعقب الحاكم في كل شيء!!
¥