[التعبير بصيغة المضارع بدل الماضي]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[13 - 01 - 2008, 11:48 م]ـ
ورد في القرآن الكريم في سياق الحديث عن خلق عيسى عليه السلام، قوله تعالى: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " (آل عمران:59)، والتعبير بأسلوب: "كن فيكون " ورد في أكثر من موضع في القرآن الكريم في سياقات مختلفة.
وقد استشكل بعض الناس مجيء الإخبار بصيغة الحاضر {فيكون} على ما وقع في الماضي، وقالوا: إن مقتضى الكلام أن يقال: (فإنما يقول له كن فكان)؛ لأن الإخبار عن أمر قد وقع وانتهى، لا يصح أن يكون بلفظ المضارع، وإنما بلفظ الماضي.
وقد أجاب المفسرون على مجيء هذه الآية على هذا الأسلوب، فقالوا:
إن الآية جاءت بصيغة الحاضر بدلاً من صيغة الماضي، جريًا على عادة العرب في الاستعمال؛ حيث يستعملون صيغة المضارع تعبيرًا عن الماضي؛ لاستحضار صورة الحدث، وكأنه يقع الآن. قال ابن هشام في (مغني اللبيب): إنهم يعبرون عن الماضي، كما يعبرون عن الشيء الحاضر؛ قصدًا لإحضاره في الذهن، حتى كأنه مُشاهد حالة الإخبار ".
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 01 - 2008, 02:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد أيها العضو "الفعال"، وجعل ما تقدمه من فوائد في ميزان حسناتك.
ومن أمثلة ما تفضلت ببيانه:
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فتقدير الكلام: فأصبحت الأرض مخضرة، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة.
وقوله تعالى: (وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، فالأصل في اسم الفاعل "باسط" أن يعمل عمل مضارعه: "يبسط"، وهو للحال أو الاستقبال، مع أن الحدث مر وانتهى، ولكنه جاء بالمضارع، أيضا، استحضارا للصورة.
وقولك: هجم الذئب وأنا أصك عينيه، فتقدير الكلام: فصككت عينيه، ولكنه عبر بالجملة الحالية التي تفيد وقوع الفعل في الزمن الحاضر، استحضارا للصورة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[14 - 01 - 2008, 02:42 ص]ـ
أشكرك أخي مهاجر على هذه الإضافة الجميلة والتي أضفت على الموضوع رونقاً