قوله: {وَقِيلِهِ}: قرأ حمزةُ وعاصمٌ بالجرِّ. والباقون بالنصب. فأمَّا الجرُّ فعلى وجهَيْن، أحدهما: أنَّه عطفٌ على "الساعة" أي: عنده عِلْمُ قيلِه، أي: قولِ محمدٍ أو عيسى عليهما السلام. والقَوْلُ والقالُ والقِيْلُ بمعنى واحد جاءَتْ المصادرُ على هذه الأوزانِ. والثاني: أنَّ الواوَ للقَسم. والجوابُ: إمَّا محذوفٌ تقديرُه: لتُنْصَرُنَّ أو لأَفْعَلَنَّ بهم ما أريد، وإمَّا مذكورٌ وهو قولُه: {إِنَّ هَـ?ؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ} ذكره الزمخشريُّ.
وأمَّا قراءةُ النصبِ ففيها ثمانيةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه منصوبٌ على محلِّ "الساعة". كأنَّه قيل: إنه يَعْلَمُ الساعةَ ويعْلَمُ قِيْله كذا. الثاني: أنَّه معطوفٌ على "سِرَّهم ونجواهم" أي: لا نعلم سِرَّهم ونجواهم ولا نعلمُ قِيْلَه. الثالث: عطفٌ على مفعولِ "يكتُبون" المحذوفِ أي: يكتبون ذلك ويكتبون قيلَه كذا أيضاً. الرابع: أنَّه معطوفٌ على مفعولِ "يعلمون" المحذوفِ أي: يَعْلمون ذلك ويعلمون قيلَه. الخامس: أنه مصدرٌ أي: قالَ قيلَه. السادس: أَنْ ينتصِبَ بإضمارِ فعلٍ أي: اللَّهُ يعلمُ قيلَ رسولِه وهو محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم. السابع: أَنْ ينتصِبَ على محلِّ "بالحق" أي: شَهِدَ بالحقِّ وبِقيْلِه. الثامن: أَنْ ينتصِبَ على حَذْفِ حرفِ القسمِ كقوله:
4012 ـ ..................... * فذاك أمانةَ اللَّهِ الثَّريدُ
وقرأ الأعرجُ وأبو قلابةَ ومجاهدٌ والحسنُ بالرفع، وفيه أوجه [أحدها:] الرفعُ عطفاً على "علمُ الساعةِ" بتقديرِ مضافٍ أي: وعنده عِلْمُ قِيْلِه، ثم حُذِفَ وأُقيم هذا مُقامَه. الثاني: أنَّه مرفوعٌ بالابتداءِ، والجملةُ مِنْ قولِه: "يا رب" إلى آخره هي الخبر. الثالث: أنه مبتدأٌ وخبرُه محذوفٌ تقديرِه: وقيلُه كيتَ وكيتَ مَسْموعٌ أو مُتَقَبَّلٌ. الرابع: أنه مبتدأ وأصلُه القسمُ كقولِهم: "ايمُنُ الله" و"لَعَمْرُ الله" فيكونُ خبرُه محذوفاً. والجوابُ كما تقدَّم، ذَكرَه الزمخشري أيضاً.
واختار القراءةَ بالنصب جماعةٌ. قال النحاس: "القراءةُ البَيِّنَةُ بالنصب من جهتَيْن، إحداهما: أنَّ التفرقةَ بين المنصوبِ وما عُطِفَ عليه مُغْتَفَرَةٌ بخلافِها بين المخفوضِ وما عُطِفَ عليه. والثانيةُ تفسيرُ أهلِ التأويل بمعنى النصب". قلت: وكأنَّه يُريدُ ما قال أبو عبيدة قال: "إنما هي في التفسيرِ: أم يَحْسَبون أنَّا لا نَسْمع سِرَّهم ونجواهم ولا نسمعُ قِيْلَه يا رب. ولم يَرْتَضِ الزمخشريُّ من الأوجهِ المتقدمةِ شيئاً، وإنما اختار أَنْ تكونَ قَسَماً في القراءاتِ الثلاثِ، وتقدَّم تحقيقُها.
وقرأ أبو قلابة "يا رَبَّ" بفتح الباءِ على قَلْب الياء ألفاً ثم حَذََفَها مُجْتَزِئاً عنها بالفتحة كقولِه:
4013 ـ ....................... * بلَهْفَ ولا بِلَيْتَ .................
والأخفشُ يَطَّرِدُها ... ).
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[06 - 03 - 2008, 02:03 م]ـ
ما أروعكم!
جزاكم الله خيرًا.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[07 - 03 - 2008, 04:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا الدكتور مروان
فقد أزال هذا النص ما أشكل علي فلك الشكر
الأول: في توجيه النصب
وعن الزجاج، على محل الساعة في قوله: {وعنده علم الساعة}
وأمَّا قراءةُ النصبِ ففيها ثمانيةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه منصوبٌ على محلِّ "الساعة". كأنَّه قيل: إنه يَعْلَمُ الساعةَ ويعْلَمُ قِيْله كذا
الثاني: في توجيه الزمخشري
والوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه
الثامن: أَنْ ينتصِبَ على حَذْفِ حرفِ القسمِ كقوله:
4012 ـ ..................... * فذاك أمانةَ اللَّهِ الثَّريدُ
في الحقيقة لم أفهم معنى قوله (ينتصب على حذف حرف القسم) لكن الشاهد الشعري كان دليلي في عملية البحث في كتاب سيبويه فوجدته يقول
"واعلم أنك إذا حذفت من المحلوف به حرف الجرّ نصبته، كما تنصب حقّاً إذا قلت: إنك ذاهب حقّاً. فاالمحلوف به مؤكَّد به الحديث كما تؤكده بالحقِّ، ويجرُّ بحروف الإضافة كما يجر حقٌّ إذا قلت: إنك ذاهب بحقٍّ، وذلك قولك: الله لأفعلنَّ. وقال ذو الرمة:
ألا ربَّ من قلبي له اللهَ ناصح ... ومن قلبه لي في الظِّباء السوانح
وقال الآخر:
إذا ما الخبز تأدمه بلحمٍ ... فذاك أمانةَ الله الثَّريد"
وعندها فهمت
فلك الشكر مرة أخرى أستاذنا الفاضل