ومن أجل تعزيز الفكرة التي يذهب إليها يقرنها بظاهرة أُخرى لا صلة لها بها [1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn1) يقول: (فلما كانت تَصَرَّف هذا التصرف وتفارق الجزم ضارعت ما يجر من الأسماء التي إن شئت استعملتها غير مضافة نحو: ضارِبِ عَبْدِ اللهِ، لأنك إن شئت نونت ونصبت، وإن شئت لم تجاوز الاسم العامل في الآخر، يعني ضاربٍ، فذلك لم تكن مثل لَمْ. ولا في النهي، واللام في الأمر، لأنهن لا يفارقن الجزم) [2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn2).
إذن فالفصل بين الأداة والفعل قبيح في الكلام جائز في الشعر. ولكن سيبويه يستثني من أدوات الشرط (إنْ) فهي الأداة الوحيدة التي يجوز الفصل بينها وبين الفعل بالاسم في الشعر والكلام، على أنه يشترط في الكلام أن يكون الفعل ماضيا [3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn3). ويعلل لهذا الاستثناء بقوله: (وإنما جاز هذا في (إنْ) لأنها أصل الجزاء ولا تفارقه، فجاز هذا كما جاز إضمار الفعل فيها حين قالوا: إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وأنْ شَرًا فَشَرٌ) [4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn4).
تتخذ التطبيقات على هذه القضية ترتيبا من حيث الضعف والقوة عند سيبويه. ويمكن أن نبينه على النحوالتالي:
(1) التقدم مع (إنْ) أقوى منه مع سائر الأدوات فالتقديم يكون معها جائزًا في الشعر والكلام.
(2) التقديم في الشعر مع الأدوات والفعل ماض أقوى منه والفعل مضارع، يقول سيبويه: (ولوكان فَعَلَ كان أقوى إذْ كان ذلك جائزًا في إنْ في الكلام) [5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn5).
(3) التقديم مع غير (إنْ) من الأدوات جائز في الشعر ضعيف في الكلام.
(4) يفترض سيبويه أن التقديم مع غير (إنْ) سيكون أقوى في الكلام لوأنَّ (إن) كان يجوز التقديم معها والفعل مضارع مجزوم في الكلام لأن التقديم جاز معها وفعلها ماضي. يقول سيبويه: (فلوجاز في إنْ وقد جزمت كان إذْ جاز فيها فَعَلَ) [6] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn6).
[1] (http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref1) يرى النحاة أن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، انظر سيبويه، الكتاب 3: 9، والمبرد، المقتضب 4: 82.
[2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref2) سيبويه، الكتاب 3: 112.
[3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref3) م. ن.، ص. ن.
[4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref4) سيبويه، الكتاب 3: 112 – 113.
[5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref5) سيبويه، الكتاب 3: 113.
[6] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref6) م. ن.، ص. ن.
يتبع
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[19 - 04 - 2009, 05:54 م]ـ
(3)
إذن فهناك مراتب محفوظة بين (إنْ) والأدوات في الشعر والنثر، يمكن تلخيصها على النحوالتالي مرتبة حسب القوة:
(1) التقديم مع (إنْ) والفعل ماضي، في الشعر.
(2) التقديم مع (إنْ) والفعل مضارع، في الشعر.
(3) التقديم (إنْ)، والفعل ماضي، في الكلام.
(4) التقديم مع غير (إنْ)، والفعل ماضي، في الشعر.
(5) التقديم مع غير (إنْ)، والفعل مضارع، في الشعر.
(6) التقديم مع (إنْ) والفعل مضارع، في الكلام *، مراتب افتراضية.
(7) التقديم مع غير (إنْ) والفعل ماضي، في الكلام *، مراتب افتراضية.
(8) التقديم مع غير (إنْ) والفعل مضارع **.
تمثل الإمكانات: 1، 2، 3، 4، 5 الإمكانات الجائزة أما الإمكانات 6، 7 فهما مفترضان وقد نجمناهما بنجمة واحدة لتمييزهما يذهب سيبويه إلى أنه لوصح الإمكان (6) لكان الإمكان (7) هو على هذا النحوالمذكور [1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn1). واستيفاءً للإمكانات الرياضية ذكرنا الإمكان (8) وميزناه بنجمتين، ولا شك أنه الإمكان الذي يرده سيبويه.
ولا يزيد النحاة بعد سيبويه شيئا على ملاحظاته التي فصلناها تفصيلا كافيا غير أن السيرافي ينسب إلى الفراء والكوفيين أنهم يجعلون المرفوع مستحسنا في (إنْ) خاصة لقوتها [2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn2). وقد فهم السيرافي ذلك من قول الفراء: (وقوله (وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ [التوبة 6] في موضع جزم، وإنْ فرق بين الجازم والمجزوم بـ (أَحَدٌ). وذلك سهل في (إنْ) خاصة دون حروف الجزاء، لأنها شرط وليست باسم، ولها عودة إلى الفتح فتلقى الاسم والفعل وتدور في الكلام فلا تعمل، فلم يحفلوا أنْ يفرقوا بينها وبين المجزوم بالمرفوع والمنصوب) (1).
ويقول القيسي: (لا يجوز حذف الفعل مع شيءٍ من حروف الشرط العاملة، إلا مع (إنْ) وحدها، وذلك لقوتها وأنَّها أصل حروف الشرط) [3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn3).
ولم يحدد القيسي مستوى معينا من الاستخدام كما فعل سيبويه وكذلك لم يفعل الفراء من قبل أيضا، ونجد القيسي يورد ما ينقض قوله المذكور آنفا وذلك قوله:
(وكذلك عند البصريين: (إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق 1] و (إذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ) [التكوير 1] و (إذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) [الانفطار 1] وشبه ذلك كله مرفوع بفعل مضمر، لأن (إذا) فيها معنى المجازاة، فهي بالفعل أولى، والفعل مضمر بعدها يليها، وهو الرافع للاسم، وهو كثير في القرآن) [4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn4).
[1] (http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref1) سيبويه، الكتاب 3: 113.
[2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref2) سيبويه، الكتاب 3: 111 ه (1).
[3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref3) القيسي، مشكل إعراب القرآن 2: 316.
[4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref4) القيسي، مشكل إعراب القرآن 2: 66.
يتبع
¥