أما رأي البصريين فنحن نرده لأنه ليس إلا محاولة لرأب الصدع الذي يجدونه بين النظرية والتطبيق أو بين القاعدة والنص. ولسنا بحاجة إلى تخريجهم لأنه يعبر عن منهج غير علمي في درس اللغة فلم يبق إلا الرأي الكوفي، ونحن نراه أدنى إلى الصواب وأسلم. ولا نرى بأسا في تقديم الفاعل على الفعل، وذلك للأسباب الآتية:
(1) إن أداة الشرط لا تدخل على الفعل وإنما تدخل على الجملة الفعلية، فإذا تقدم الفاعل فإن الأداة لا تزال داخلة على جملة فعلية.
(2) إن تقدم الفاعل لا يقلب الجملة من الفعلية إلى الإسمية لأن الجملة ليست مستأنفة. وأداة الشرط لا تدخل إلا على جمل فعلية.
(3) يجب أن لا يقتصر التفريق بين الجملة الإسمية والجملة الفعلية على أساس لفظي فقط [3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn3).
(4) الفاعل هو ما أُسند إليه الفعل تقدم أم تأخر.
نستثني من الأدوات منْ، ما فلا يجوز تقديم الفاعل معهما إذا كان الفعل بعدهما مفرغا من الفاعل الظاهر نحو: منْ يَخْرُجْ أخْرُجْ مَعَهُ. فهنا لا تقديم لأن الفعل مسند إلى الغائب، لأن الاشتراط على فاعل عام ومبهم أما إذا كان الاشتراط على المفعول نحو: مَنْ يَضْربْ زَيْدٌ أَضْربْه فلا نرى بأسا بتقديم (زيد).
وقد تثار قضية في هذا الموضع وهي كيف الجمع بين فاعلين كما في الجملة:
إنْ القَوْمُ خَرَجوا خَرَجَ زَيْدٌ مَعَهُم [4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn4)
والمقصود بالفاعلين ((القوم) والضمير في (خرجوا) والإجابة على ذلك بالقول بأن الاسم الظاهر المقدم هو الفاعل أما الضمير فهو دليل الاسناد وعلامه تبين علاقة الفعل بالفاعل، فليس هناك فاعلان وإنما هو فاعل واحد [5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn5).
[1] (http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref1) تكلم المبرد على هذه القضية كلاما مفصلا يرد به ضمنا على الكوفيين الذين لا يرون بأسا في تقدم الفاعل، وخلاصة قوله أنه في الجملة (عبد الله قام) يرتفع عبد الله بالابتداء، أما إعرابه فاعلا فمحال من جهات: إحداها أن (قام) فعل ولا يرفع الفعل فاعلين إلا بالعطف. وكيف يرفع عبد الله وضميره، إذا جعلت مكان الضمير اسما ظاهرا نحو: عبد الله قام أخوه، تبين أن الضمير مكان (أخوه)، إذا قلت رأيت عبد الله قام زال الابتداء وبقي الضمير، وتقول عبد الله هل قام؟ ومحال أن يعمل ما بعد (هل) بما قبلها، وتقول: ذهب أخواك، وأخواك ذهبا، ولوكان الفعل واحدا في الحالين لكان موحدا.
انظر: المبرد، المقتضب 4: 128.
[2] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref2) انظر: ابن هشام، مغني اللبيب 2: 420.
[3] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref3) انظر تفصيل هذه القضية عند مهدي المخزومي، في النحوالعربي 39 وهذا ملخصها: يوافق مهدي المخزومي على تقسيمهم الجمل إلى اسمية وفعلية. ولكنه لا يوافقهم على الأساس الذي منه ينطلقون وهوكون الاسمية ما صدرت باسم والفعلية ما صدرت بفعل، وناقش ابن هشام في ذلك، ورد كثيرًا من= =أمثلة الجملة الاسمية عنده، وقال إن المنطلق لفظي بحت، واقترح أساسا جديدا للتفريق وهودلالة الجملة، فإذا كانت ذات دلالة متجددة فهي فعلية، وإذا كانت ذات دلالة ثابتة دائمة فهي الاسمية، وينتهي إلى القول بأن الجملة الفعلية ما يكون المسند فعلا تقدم المسند إليه أم تأخر. واستكمالا للموضوع ننصح بقراءة المقال الذي كتبه عبدالقادر المهيري في حوليات الجامعة التونسية، العدد الخامس 1968 ص 7 – 16 وعنوانه (مساهمة في تحديد الجملة الاسمية) وفيه يناقش رأي المخزومي وما ينجم من مشاكل من مثل ما يلحق الفعل من لواحق عندما يكون الفاعل المقدم مثنى أوجمعا وهذه المشكلات التي واجه بها المبرد الكوفيين من قبل. انظر: المقتضب 4: 128.
[4] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref4) أثيرت هذه القضية أثناء رد المبرد على الكوفيين القول بتقديم الفاعل على الفعل، انظر المقتضب 4: 128.
[5] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref5) انظر تفصيل هذه النظرية في مقال عبد القادر المهيري (مساهمة تحديد الجملة الاسمية) (حوليات الجامعة التونسية العدد الخامس 1968) ص 7 – 16.
يتبع
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 11:02 ص]ـ
في انتظارك استاذنا الحبيب أبا أوس
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 02:13 م]ـ
(6)
¥