3 - مركَّب إسناديٌّ: وهو ما رُكِّب من مُسنَد ومُسنَد إليه، سواء كان المسنَد اسمًا أمْ فعلاً، فهو عَلَم منقول من جملةٍ اسميَّة أو فعلية؛ ولذلك سمَّاه بعضُهم: "المركَّبَ الجُمْلِيَّ" [12]، والمنقول عن العرب التَّسمية بالجمل الفعليَّة كـ"شابَ قَرْناها" [13]، و"تأبَّط شرًّا" [14]، و"بَرقَ نَحْرُه"، ويُقاس عليه التَّسمية بالجمل الاسميَّة [15] كـ"محمَّد قائمٌ"، و" أحمد كريم"، و"عليٌّ سعيدٌ".
ثانيًا: الأسماء المركبة التي ليست بأعلام، وتشمل:
1 - المركَّب العددي: وهو كلُّ عددين رُكِّبا من العشرة والنَّيِّف، وبينهما حرفُ عطفٍ مقدَّر، ويشمل الأعدادَ من "أحد عشر" إلى "تسعة عشر"، وما صيغ منها على وزن فاعل من "الحادي عشر" إلى "التاسع عشر".
2 - الظُّروف المركَّبة: وهي ظروف استعملتْها العرب مركَّبةً، كـ "بينَ بينَ"، و"صباحَ مساءَ"، و"يومَ يومَ"، و"حينَ حينَ"، تقولُ: سقط بينَ بينَ؛ أي: بينَ الحي والميت، أو بين هذا وذاك.
قال عبيد بن الأبرص:
نَحْمِي حَقِيقَتَنَا وَبَعْ ضُ الْقَوْمِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنَا [16]
وآتيك صباحَ مساءَ، ويومَ يومَ، وحينَ حينَ؛ أي: كلَّ صباح ومساء، وكلَّ يوم، وَكلَّ حين [17].
3 - الأحوال المركَّبة، وهي ضربان [18]:
أ - ما أصله العطف، كـ"شَذَرَ مَذَرَ"، و"شغرَ بغرَ"، و"خِذَعَ مِذَعَ"، و"حَيْثَ بَيْثَ"، و"بَيْتَ بَيْتَ"، و"كَفَّةَ كَفَّةَ"، و"صَحْرَةَ بَحْرَةَ"، تقول: تفرَّقوا شغرَ بغرَ، وشذرَ مذرَ، وخِذَعَ مِذَعَ؛ أي: منتشرين متفرِّقين، وتركتُهم حيثَ بيثَ؛ أي: متفرِّقين ضائعين، وفيها لغات [19]، وتقول: هو جاري بيتَ بيتَ؛ أي: ملاصقًا، ولقيته كَفَّةَ كَفَّةَ؛ أي: مواجهةً، وأخبرتُه صَحْرَةَ بَحْرَةَ؛ أي: كاشفًا للخبر [20].
ب - ما أصله الإضافة، كـ"بادي بدا"، وفيها لغاتٌ [21]، و"أيدي سبأ"، و"أيادي سبأ"، تقول: فعلته بادي بدا، وبادِي بَدِي؛ أي: مبدوءًا به، قال أبو نُخَيْلَةَ السَّعْدِيُّ:
وَقَدْ عَلَتْنِي ذُرْأَةٌ بَادِي بَدِي وَرَثْيَةٌ تَنْهَضُ فِي تَشَدُّدِي [22]
وذهبوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ؛ أي: متفرِّقين [23]، قال ذو الرُّمة:
أَمِنْ أَجْلِ دَارٍ طَيَّرَ الْبَيْنُ أَهْلَهَا أَيَادِي سَبَا بَعْدِي وَطَالَ احْتِيَالُهَا [24]
قال ابن هشام: "ومجيء هذا التَّركيب في الأحوال قليلٌ بالنسبة إلى مجيئه في الظروف" [25].
4 - أسماء الأفعال المركَّبة: قال أبو حيَّان: وهي قسمان: مركَّب من جار ومجرور، ومركَّب من غيرهما [26].
القسم الأول: مركَّب إمَّا من حرف جر ومجروره، وإمَّا من ظرف مضاف ومضاف إليه.
من النَّوع الأوَّل المركَّب من حرف جر ومجروره: "عليك" بمعنى الْزم، قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، و"عليَّ" بمعنى: أوْلِني، تقول: عليَّ زيدًا؛ أي: أولني زيدًا، و"عليه" بمعنى: ليلزمْ، ومنه الحديث: ((يا معشرَ الشَّباب، مَنِ استطاعَ منكم الباءَةَ، فليتزوجْ؛ فإنَّه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفرج، ومَن لم يَستطع، فعليه بالصَّوم؛ فإنَّه له وِجاءٌ)) [27]؛ قالوا: واستعماله مع ضمير الغائب كما في الحديث، وفي رواية سيبويه عن بعض العرب: "عَلَيْهِ رجلاً لَيْسَنِي" قليلٌ وشاذٌّ [28]، ومن هذا النَّوع أيضًا: "كذاك" بمعنى: دَعْ؛ قال جرير:
يَقُلْنَ وَقَدْ تَلاَحَقَتِ الْمَطَايَا كَذَاكَ الْقَوْلَ إِنَّ عَلَيْكَ عَيْنَا [29]
ومن المركَّب من مضافٍ هو ظرف، ومضافٍ إليه: "مكانَك" بمعنى: اثبتْ، و"عندك" و"لديك" و"دونك" ومعناها: خُذْ، و"وراءك" بمعنى: تأخَّر، و"أمامك" بمعنى: تقدَّم.
القسم الثَّاني: وهو المركَّب من غير جار ومجرور "هلُمَّ" بلغة أهل الحجاز، فهي عندهم تلزم طريقةً واحدة، ولا تلحقها الضَّمائر، وبلغتهم جاء التنزيل؛ قال - تعالى -: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُم} [الأنعام: 150]، ولغة تميم إلحاق الضَّمائر بها فهي عندهم فِعل [30].
وهي اسمُ فعل أمر بمعنى: احْضر، فتتعدَّى بنفسها كما في الآية: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُم}، وبمعنى: أَقْبِلْ، فتتعدَّى بالحرف "إلى" كما في قوله - تعالى -: {قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18].
¥