تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واختُلِف في تركيبها؛ فقال البصريُّون: هي مركَّبة مِن "ها" التنبيه و"لُمَّ"، التي هي فعل أمر مِن "لَمَّ" بمعنى: جَمَعَ، وحذفت ألف "ها"؛ لكثرة الاستعمال [31].

وقال الفرَّاء والكوفيون: هي مركَّبة من "هل" التي هي للزجر والحث، و"أُمَّ" بمعنى: اقصدْ، حذفت همزتها [32]، وقيل: هي مفردة وليست مركَّبة، قاله أبو حيَّان؛ "وهو قول لا بأس به؛ إذْ الأصل البساطة، حتى يقوم دليل واضح على التركيب" [33].

واسم الفعل الآخر المركَّب من غير جار ومجرور "حيَّهلْ"؛ قال لبيد:

يَتَمَارَى فِي الَّذِي قُلْتُ لَهُ وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلِي حَيَّهَلْ [34]

وفيها لغات [35]، وتتعدَّى هذه الكلمة بنفسها، فيقال: حيَّهل الثريدَ؛ بمعنى: ائته، ومن ذلك رواية سيبويه عن شيخه أبي الخطَّاب الأخفش أنَّه سمع بعض العرب يقول: حيَّهل الصلاةَ؛ أي: ائتِ الصلاة [36]، وتتعدَّى بحرف الجر "على"، فيقال: حيَّهل على الخير؛ بمعنى: أقبلْ عليه، وبـ (الباء) فيقال: حيَّهل بالكتاب؛ أي: أسرع به، ومنه قول عبدالله بن مسعود في عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنهما -: "إذا ذُكِر الصَّالحون، فحيَّهلاَّ بعمرَ" [37]؛ أي: أسرعوا بذكره، كما تتعدَّى بـ"إلى"، فيقال: حيَّهل إلى الثريد، بمعنى: أسرع إليه، وهي مركبة من "حيَّ" بمعنى: أقبل، و"هل" أو "هلاَّ"، وهي حثٌّ واستعجال [38].

5 - ومن الأسماء المركَّبة: مركَّبات لا تشملها الأنواع السابقة، وهي ضربان:

أ - ضرب منها مركَّب تركيبَ الأحوال والظروف، وهو مركَّبان هما: "حَيْصَ بَيْصَ"؛ يقال: وقعوا في حَيْصَ بَيْصَ؛ أي: في فتنة واختلاط من أمرهم، أو في أمر لا مخلص لهم منه.

قال أمية بن أبي عائذ الهذلي:

قَدْ كُنْتُ خَرَّاجًا وَلُوجًا صَيْرَفًا لَمْ تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ [39]

وقال الرَّاجز:

صَارَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ حِيصٍ بِيصِ [40]

وفيها لغات [41].

والمركَّب الآخر "خازِ بازِ"، وفيه سبع لغات [42]، وله خمسة معانٍ [43]، فهو ضرب من العشب، وذباب أزرق يكون فيه؛ قال عمرو بن أحمر:

تَفَقَّأُ فَوْقَهُ الْقَلَعُ السَّوَارِي وَجُنَّ الْخَازِ بَازِ بِهِ جُنُونَا [44]

وصوتُ الذُّباب، وداءٌ يكون في اللَّهزمتين، وهما عظمان ناتئان تحت الأذن، والسِّنَّوْر؛ قال ابن يعيش: "وهو أغربها" [45].

ب - والضَّرْب الآخَر كنايات مركَّبة، وهي: "كم"، و"كَأيِّنْ"، و"كذا".

أمَّا "كم" فتأتي استفهامية يُسأل بها عن عددٍ مجهولِ المقدار، كما في قوله - تعالى -: {سَلْ بَنِي إِسْرَائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِن آيةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: 211]، وقوله - تعالى -: {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} [البقرة: 259].

وتأتي خبريةً يُكنى بها عن عددٍ كثير، كما في قوله - تعالى -: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249]، وقوله - تعالى -: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} [الأنعام: 6]، وقوله - تعالى -: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان: 25 - 27].

وهي مركَّبة عند الكوفيين من "كاف" التشبيه و"ما" الاستفهاميَّة المحذوفة ألفها؛ لدخول حرف الجر عليها، وسُكِّنت الميمُ؛ لكثرة الاستعمال [46]؛ قال ابن عُصفور: "وهو باطل؛ لأنَّها يدخل عليها حرفُ الجرِّ، وحرف الجر لا يَدخل على مثله [47]، وهي عند البصريين بسيطة؛ لأنَّ الأصل الإفراد [48].

وأما "كأيِّنْ" [49] فكنايةٌ عن عدد كثير، فهي مثل: "كم" الخبرية في ذلك؛ قال - تعالى -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]، وقال - تعالى -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} [يوسف: 105]، وقال - تعالى -: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [الحج: 45]، وهي مركَّبة من "كاف" التشبيه و"أيٍّ" المنوَّنة [50]، وقيل: يحتمل أن تكون بسيطة [51]، وفيها لغات [52].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير