تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأكثر) أعياه وأعماه وغباه وأغلقه وشدد الحال على الناظر فيه فقد لا يهتدي

لوجهه ولا للقدح فيه من جهة الجرح والتعديل , فصار الحديث شديد الاستغلاق

(عضيلًا).

ثانيًا: قولهم: " حديث مُعضَل " اصطلاح لهم , ولا يلزم فيه المطابقة التامة

للمعنى اللغوي , بل يُكتفى بأدنى مناسبة له.

[تنبيه]

هل يصح وصف الحديث المُعضَل عند المحدثين بـ " المعضِل " من جهة

اللغة؟

قال صاحب الموعب ومغلطاي وابن حجر:

نعم ,

وهو من أعضَل الأمرُ إذا اشتد واستغلق , فهو معضِل وعضيل بمعناه ,

ويكون الفعل رباعيًا قاصرًا , كأشكل فهو مشكِل , وأظلم فهو مظلِم.

وأمر معضِل (عضيل): أمر شديد لا يقوم به صاحبه أو أعياه وحيره أو

لا يهتدي لوجهه أو يغلب من يقوم به.

وهذه المعاني تتوفير فيما اصطلح عليه المحدثون بقولهم: " حديث معضَل ".

وهل يصح وصفه بالحديث " العاضل " من جهة اللغة؟

قلتُ: نعم ,

من عضل الشيء: اشتد وغلظ , وعضلت الأرض: ضاقت ,

وعضلت المرأة: إذا غصّ ولدها في فرجها , فخرج بعضه دون البعض.

وهذه المعاني تتوفر في اصطلاح المحدثين حيث من عضل الحديث ضيق أمره

, وأخرج بعض السند دون بعض , وغلظ وشدد على الناظر فيه.

والخلاصة:

أن الأصل في قولهم حديث معضَل هو " حديث عضيل " ,

وعضيل إما أن ترجع في الاشتقاق إلى عضل أو أعضل أو أعضله ,

فلو رجعت إلى عضل فبمعنى اسم الفاعل عاضل.

ولو رجعت إلى أعضل , فبمعنى اسم الفاعل معضِل ,

ولو رجعت إلى أعضله , فمبعنى اسم المفعول معضَل ,

واستحسن غير واحد الأخير.

انتبه:

وقع في كلام جمع من المحدثين نحو:

محمد بن يحيى الذهلي و النسائي والجوزجاني و ابن عدي و الحاكم أبو أحمد

وابن عبد البر وأبو الفتح الأزدي.

إطلاق " حديث معضل " على ما اتصل سنده , فهل يقصدوا " معضَل " في

الاصطلاح؟

احتمله الحافظ على أن يكون معنى " معضَل " ليس المعنى الاصطلاحي ,

واحتمل أنهم يقصدوا " معضِل بكسر الضاد " على المعنى المبين سابقًا.

قلتُ: والثاني أقرب ويشعر به لفظهم.

انتبه:

يكثر النقاد من قولهم عن الراوي: " يروي المعضِلات " , فهل يقصدوا

المعنى الاصطلاحي؟

لا , بل يقصدوا الأحاديث الأوابد أي الباطلة المنكرة.

والله تعالى أعلم , وهو سبحانه الموفق.

ونحن في انتظار نادرة أخرى , واعتذر على التأخر في الرد , فما هو إلاّ

اشتغالي بوضع الاختبارات.

ـ[درة النحو]ــــــــ[01 - 06 - 2009, 11:21 ص]ـ

رائعة هذه النافذة فيها كثير من الفوائد، والبحوث القيمة.

بارك الله في المشاركين والمتحاورين.

ـ[ابن القاضي]ــــــــ[01 - 06 - 2009, 06:20 م]ـ

بسم الله.

قلتُ , وبالله تعالى التوفيق والسداد:

أحسنت أيها المفضال , وأحسن الله تعالى إليك , ولا حرمنا فوائدك.

فقد أشرت إلى مبحث مهم عند علماء الحديث , ولم يغفلوا عنه , بل بحثوه ,

وأجادوا , وأفادوا , فلله درهم من علماء حديث وعربية.

أما ما سأل عنه أستاذي الكريم الحبيب , فأقول:

الحديث الذي سقط منه راويان فصاعدًا على التوالي أطلق عليه المحدثون

" الحديث المُعضَل " - بفتح الضاد - , ولم يشذ عنه واحدٌ , بل وقع اتفاقهم

عليه , وشاع وكثر تنبيههم إليه إذْ يقولون: " حديث معضل بفتح الضاد ,

ومنهم يؤكد فيقول: لا بكسر الضاد ,

والسؤال هل الحديث بالمعنى المذكور يصح وصفه من جهة اللغة بـ "

المعضَل

استشكله العلامة ابن الصلاح رحمه الله تعالى فقال: " هو مشكل المأخذ من

جهة اللغة " ,

ولكنه رحمه الله تعالى بحث عنه فأجاب ,وكذا غيره , وجوابهم:

المعضَل من أعضَلَه (رباعي متعدي لا قاصرًا) , فهو معضَل وعضيل

كما سُمع في أعقدت العسل , فهو عقيد بمعنى مُعقَد ,

وأعلّه المرض , فهو عليل بمعنى مُعَلّ ,

وفعيل بمعنى مُفعَل (اسم المفعول) من الرباعي المتعدي ,

والعضيل: المستغلق الشديد ,

وأعضله: أعياه أو أعماه أو غباه أو غمّه.

قلتُ: وتلك المعاني تستقيم مع قول المحدثين " حديث معضَل " على ما

اصطلحوا عليه ,

ووجهه: أن المحدث الذي أعضل الحديث (أسقط منه راويين على التوالي

فأكثر) أعياه وأعماه وغباه وأغلقه وشدد الحال على الناظر فيه فقد لا يهتدي

لوجهه ولا للقدح فيه من جهة الجرح والتعديل , فصار الحديث شديد الاستغلاق

(عضيلًا).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير