تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما الخضري فهو يجعل ضمير الغائب حال الإبهام مساويا للعلم في المرتبة، أودونه أي في المرتبة التي هي أدنى من العلم، مع ملاحظة أن هذه المرتبة إنما هي على رأي الخضري الذي يقدم ضمير الغائب السالم من الإبهام على العلم، ثم يستثني المبهم من ضمير الغائب فيجعله بمنزلة العلم الشخصي أو أدنى منه مرتبة، ولا يستقيم هذا الكلام على رأي ابن مالك لأنه يقدم العلم حتى على ضمير الغائب السالم من الإبهام، فإذا جعلت المبهم من ضمير الغائب بمرتبة العلم وأنت في حيز ترتيب ابن مالك فإنك تكون قد جعلت المبهم أعرف من السالم.

ولعلك أخي الكريم ترى الاختلاف في ترتيب منازل المعارف بين نحوي وآخر، وبين شارح وآخر، وإنما مرد الاختلاف إلى أن أنواع المعارف تختلف أحوالها إذ قد يكون علم أعرف من علم وموصول أعرف من موصول ... وهكذا، فلما كانت كذلك اختلفت اجتهادات العلماء في ترتيبها بعض الاختلاف، وقد صرح ابن مالك أن هذا الترتيب إنما هو على الأغلب، وإلا قد يكون في التركيب والسياق ما ينقل معرفة إلى درجة أعلى مما وضعها النحاة فيها أو العكس.

وأما قوله (لأن كلا منهما تعريفه بالقصد) فهو تفسير لجعْله اسم الإشارة والمنادى (والمراد هنا المنادى النكرة المقصودة) في مرتبة واحدة، فهو يفسر كونهما في منزلة واحدة بأن اسم الإشارة نفسه لا يفيد تعريفا وإنما اكتسب التعريف من توجه القصد إلى الشيء المشار إليه، وكذا المنادى النكرة المقصودة هو نكرة في الأصل وإنما اكتسب تعريفه من توجه القصد إلى الشخص أو الشيء المنادى.

وأما قوله (وأجيب بأنه بدل أو مقطوع أو الكتاب علم بالغلبة للتوراة) فهو رد على رأي ابن كيسان الذي يرى أن المعرف بأل في مرتبة أعلى من الموصول مستدلا بوقوع الموصول صفة للمعرف بأل في قوله تعالى (من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) وذلك على أساس أن الموصوف لا بد أن يكون أعرف من الصفة، لذلك رُد هذا القول بأن الموصول (الذي) في الآية لا يلزم أن يكون صفة وإنما قد يكون بدلا من الكتاب، أو هو مقطوع كأن يكون (الذي) خبر لمبتدأ محذوف، وبذلك لا يكون صفة وعندئذ يسقط دليل ابن كيسان، أو قد يكون الموصول صفة ولكن (الكتاب) ليس معرفا بأل وإنما بالعلمية أي أن الكتاب علم على التوراة بالغلبة، وبالتالي يسقط دليل بن كيسان أيضا بل ينتفي الاستدلال من الأساس لأن المعرفتين هنا علم وموصول وليستا محلى بأل وموصولا.

وأما قوله (وقيل هما في مرتبة واحدة بناء على أن تعريف الموصول بأل وقيل لأن كلا منهما تعريفه بالعهد) فالمراد منه أن هناك من يجعل الموصول والمعرف بال في منزلة واحدة اعتمادا على الرأي القائل بأن الموصولات نحو الذي التي الذين اللاتي إنما هي معرَّفة بأل إذ يعدون الألف واللام فيها للتعريف وعندئذ يكون تعريفها كتعريف المحلى بأل نحو الرجل والقلم والحصان فتكون المنزلة واحدة، أو أنهما في منزلة واحدة على رأي آخر وهو أن الموصول إنما هو معرفة بالعهد كما أن المحلى بأل يتعرف بالعهد.

السؤال السادس:

قال الصبان في الموصول: قيل أعرفه ما كان مختصاً ثم ما كان مشتركاً ويظهر أن أعرف كل منهما ما كان معهوداً معيناً ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس لمجيء الموصول للثلاثة كأل والإضافة, أرجو التمثيل لما خُط بالأحمر؟

يذكر الصبان أولا قول النحاة إن الموصول المختص أعرف من المشترك، ثم يذكر رأيه الخاص فيرى أن الضابط كما يظهر له في مرتبة الموصول إنما هو كون الموصول للعهد أو الاستغراق أو الجنس بغض النظر عن الاختصاص والاشتراك، فالمرتبة الأولى عنده هي الموصول الدال على العهد سواء كان مختصا نحو (الذي حدث اليوم عجيبٌ) أو مشتركا نحو (من خطبَ اليوم مفوه بليغ)، والمرتبة الثانية ما كان لاستغراق أفراد الجنس، مختصا كان نحو (لا يغفر الله للذي يشرك به) أم مشتركا نحو (لا يغفر الله لمن يشرك به)، والمرتبة الثالثة ما كان لمجرد الدلالة على الجنس، مختصا كان نحو (اشربِ الذي أحله الله) أم مشتركا نحو (اشربْ ما أحله الله).

مع ملاحظة أن الضابط الذي يحدِّد كون الموصول للعهد أو الاستغراق أو الجنس هو الضابط الذي تقدم معنا في أنواع أل في رد سابق.

تحياتي ومودتي.

ـ[محمد الغزالي]ــــــــ[01 - 11 - 2010, 06:42 م]ـ

الله يحفظك يا رب ويجعل الجنة مثواك, لك شكري ودعائي ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير