تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأخ الفاضل لؤي

كلامك عين الصواب --فبارك الله بك من مفكّر

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[06 - 03 - 2007, 12:42 ص]ـ

حياك الله أستاذ جمال، وشكر لك كلماتك الطيبة ..

وأرحّب بعودتك إلى الفصيح، بعد غيبتك الطويلة ..

فنزلت أهلاً، وحللت سهلاً ..

ـ[أبو طارق]ــــــــ[06 - 03 - 2007, 04:29 م]ـ

مرحبًا بالأستاذ جمال

عودة طيبة

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 03 - 2007, 12:09 ص]ـ

ثانياً: من رحمة الله تعالى بعباده أنْ خلق لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم وشكلهم، ليحصل بين الذكور والإناث اقتران وائتلاف .. قال ابن فارس في مقاييس اللغة: "الزوج: الزاء والواو والجيم أصل، يدلّ على مقارنة شيء لشيء" .. والاقتران كالازدواج، جاء في اللسان: "قارن الشيء بالشيء مقارنة وقِراناً: اقترنَ به وصاحَبَهُ، وقرنتُ الشيء بالشيء: وصلتُه، والقرين: المصاحِب ... وقرينة الرجل: امرأته لمقارنته إيّاها" .. وقال الراغب في المفردات: "الاقتران: كالازدواج في كونه اجتماع شيئين أو أشياء في معنى من المعاني .. يُقال جمعتُ البعير بالبعير: جمعتُ بينهما ... والقِران: يُستعمل في الجمع بين الشيئين" ..

فمعنى الزوجيّة يقوم على الاقتران .. وفي الاقتران بين الرجل والمرأة تجتمع معاني كثيرة قد ذكرها القرآن، منها: السكن والمودّة والرحمة، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21] .. ومنها: ليحدث بينهما ما يؤدّي إلى التناسل والتكاثر وإنجاب البنين والحفدة، قال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النحل: 72] .. ومنها: أن تقرّ العين ويستريح البال فتكون النفس مطمئنة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74] ...

فكلمة "زوج" فيها من معاني الانسجام والمقاربة والتوافق، ما لا يخفى على كلّ ذي بصر وبصيرة .. وشرط الزواج هو السكن والمودّة والرّحمة، وهي مناط الموقف وهي البغية وأمنية الزواج، ولعلّ في قوله تعالى: (من أنفسكم) ما يؤكّد امتزاج الزوج والزوجة لدرجة شديدة، فجعل النفس واحدة للطرفين، كلّ منهما لباس للآخر .. وهذه المعاني لا نجدها متحقّقة في كلمة (امرأة)، التي هي مؤنّث (المرء) الذي هو (الرجل) .. فالمرأة كلمة عامّة تُقال للمتزوّجة ولغير المتزوّجة من النساء، ولا يُشترط فيها الاقتران، ولذلك فهي لا توحي بمعاني الراحة والطمأنينة والاستقرار، التي لا تكون إلا بالاجتماع بين الرجل والمرأة عن طريق الزواج، فيجدان في اجتماعهما السكن والمودّة والاكتفاء والرّحمة ..

ولكلّ ما سبق قلنا إنّه إذا تعطّلت آية من آيات الزوجيّة التي نصّ عليها القرآن الكريم، مِن سَكَن ومودّة ورحمة وطمأنينة وتناسل وتكاثر ... فإنّ الزوجة تصبح امرأة في التعبير القرآني المعجز .. ففرق بين قول الله تعالى: امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة فرعون ... وبين قول البشر: زوج نوح وزوج لوط وزوج فرعون ... ؟ ألا ترى أنّه لو قال: زوج نوح، لأوحى بنوع من المقاربة والتوافق بينهما؟ فالزوج – كما ذكرنا - هو الذي يشكّل مع الثاني زوجين، ولو قال: زوج نوح، لأومأ بأنّها شكّلت معه شيئاً واحداً ..

ألا تلحظ الفرق بين هذا، وبين قوله تعالى لآدم: (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة: 35]؟ والمعنى: اسكن أنتَ ولتسكن معك زوجك .. انظر كيف أنّه لم يكرّر الفعل (اسكن) مرّة أخرى، حتى يكون الفعل مشتركاً بين الطرفين .. فالسكنى الحقّة للرجل لا تتمّ إلا في وجود المرأة التي تحقّق له السكون والسكينة والطمأنينة .. ومن هنا جمع القرآن بين آدم وزوجه بحرف العطف إشارة إلى التآلف والتعاطف، والتلاحم والتراحم الذي يجمعهما، فهو بمفرده لا يكون سكنه سكناً، وهي بمفردها لا يكون سكنها سكناً، وإنّما يتحقّق بهما ولهما معاً السكن والسكنى والسكينة .. ولذلك كان التعبير بـ (زوج) بدلاً من الاسم الظاهر (حواء) أو الاسم العامّ (امرأة)، لما توحيه كلمة زوج من دلالات بهيّة وإشارات سنيّة ولمحات قدسية ..

ولا يخفى أنّ مقوّمات السكينة والطمأنينة لم تكن موجودة بين نوح وامرأته، أو بين لوط وامرأته، أو بين فرعون وامرأته! فامرأة نوح وامرأة لوط قد خانتا النبيّين الكريمين، فهما لا تستحقّان أن ترتفعا بحيث تشكّلان مع النبيين زوجين، وهذا يُقال أيضاً عن امرأة فرعون المؤمنة، التي لا تشكّل مع فرعون زوجين ...

صحيح أنّ كلّ واحدة منهنّ امرأة لزوجها بالإطلاق العامّ، ولكن لا يُطلق على الواحدة منهنّ زوجة من حيث اللغة العالية الرفيعة، التي تلحظ مثل هذه المسائل اللطيفة والفروق الدقيقة .. فبهذا التعبير يُبعد القرآن فكرة المقاربة عن الأذهان ..

والشيء نفسه يُقال في معنى التناسل والتكاثر، فإذا تعطّلت هذه الآية، فتصبح الزوجة امرأة في تعبير القرآن .. قال تعالى عن سارة امرأة إبراهيم - عليهما السلام: (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) [هود: 71 - 72] .. وقال تعالى عن زكريا وامرأته - عليهما السلام: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 89 - 90] .. والشاهد هنا أنّ امرأة زكريا حين أصبحت صالحة للإنجاب، آثر القرآن أنْ يُطلق عليها (زوجَه) دون (امرأتَه)، وكانت (امرأة) إذ كانت عاقراً ..

وللحديث بقية ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير