تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[معاوية]ــــــــ[08 - 10 - 2006, 01:24 م]ـ

ويقال: بلُغ الرجل إذا صار بليغًا. وفي اللسان: " رجل بليغ .. حسن الكلام فصيحه يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه ". وما هي وظيفة اللغة إذا لم يستطع صاحبها أن يبلغ بها كنه ما في نفسه، وأن يبلغ بهذا الكنه ـ عن طريقها أيضًا ـ نفس المخاطب. ومن الحق ألاّ نقبل من المتكلم مجرَّد إفهامنا، وإلاّ كان هو وكلُّ من يُفهمنا من الأطفال سواء، ولقد سمعنا الجاحظ يقول: إننا قد نفهم بحمحمة الفرس وصغاء السنور كثيرًا من حاجاته وإرادته. ولذلك لم يكن شرط الإفهام وحده كافيًا لتحقيق البلاغة. بل لا بدّ فيه من أن يكون إفهامًا يعتمد على وضوح المعنى وبيانه وملائمته لمقتضى الحال، وبالطريقة التي تعارف عليها فصحاء العرب في مجاري كلامهم.

ولعل هذا الاتصال الشديد بين معنى البلاغة اللغوي والاصطلاحي هو الذي جعل القدماء يستعملون البلاغة والفصاحة بمعنى واحد. فلقد كانت الكلمتان عندهم مترادفتين حتى القرن الرابع تقريبًا، وفي صحاح الجوهري (393هـ) أن البلاغة هي الفصاحة، وكذلك هي عند الكثيرين ممن تحدثوا عن الفصاحة وشروطها وهم يريدون البلاغة، ذلك أن معنى الكلمتين اللغوي واحد تقريبًا، فالإبلاغ عما في النفس هو الإفصاح، وأفصح عما في نفسه أعرب عما فيها وأبان، وأفصح اللبن إذا انجلت رغوته فظهر ... وهكذا ترجع الكلمتان إلى معنى واحد من قبيل اتفاق المعاني على اختلاف الأصول والمباني.

ـ[معاوية]ــــــــ[08 - 10 - 2006, 01:35 م]ـ

ويقال: بلُغ الرجل إذا صار بليغًا. وفي اللسان: " رجل بليغ .. حسن الكلام فصيحه يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه ". وما هي وظيفة اللغة إذا لم يستطع صاحبها أن يبلغ بها كنه ما في نفسه، وأن يبلغ بهذا الكنه ـ عن طريقها أيضًا ـ نفس المخاطب. ومن الحق ألاّ نقبل من المتكلم مجرَّد إفهامنا، وإلاّ كان هو وكلُّ من يُفهمنا من الأطفال سواء، ولقد سمعنا الجاحظ يقول: إننا قد نفهم بحمحمة الفرس وصغاء السنور كثيرًا من حاجاته وإرادته. ولذلك لم يكن شرط الإفهام وحده كافيًا لتحقيق البلاغة. بل لا بدّ فيه من أن يكون إفهامًا يعتمد على وضوح المعنى وبيانه وملائمته لمقتضى الحال، وبالطريقة التي تعارف عليها فصحاء العرب في مجاري كلامهم.

ولعل هذا الاتصال الشديد بين معنى البلاغة اللغوي والاصطلاحي هو الذي جعل القدماء يستعملون البلاغة والفصاحة بمعنى واحد. فلقد كانت الكلمتان عندهم مترادفتين حتى القرن الرابع تقريبًا، وفي صحاح الجوهري (393هـ) أن البلاغة هي الفصاحة، وكذلك هي عند الكثيرين ممن تحدثوا عن الفصاحة وشروطها وهم يريدون البلاغة، ذلك أن معنى الكلمتين اللغوي واحد تقريبًا، فالإبلاغ عما في النفس هو الإفصاح، وأفصح عما في نفسه أعرب عما فيها وأبان، وأفصح اللبن إذا انجلت رغوته فظهر ... وهكذا ترجع الكلمتان إلى معنى واحد من قبيل اتفاق المعاني على اختلاف الأصول والمباني.

ـ[معاوية]ــــــــ[10 - 10 - 2006, 01:52 ص]ـ

وقد لاحظ علماء البلاغة هذه الصلة بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي للبلاغة، كما لاحظوا الصلة بين البلاغة والفصاحة. قال أبو هلال العسكري (395هـ): " البلاغة من قولهم: بلغت الغاية إذا انتهيت إليها، وبلَّغتها غيري. ومبلغ الشيء منتهاه. والمبالغة في الشيء الانتهاء إلى غايته، فسميت البلاغة بلاغة لأنها تنهي المعنى إلى قلب السامع فيفهمه (1) ".

(1) كتاب الصناعتين: 6

ـ[معاوية]ــــــــ[13 - 10 - 2006, 08:39 م]ـ

وقال مشيرًا إلى الصلة بين البلاغة والفصاحة: " فالفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد. وإن اختلف أصلاهما، لأن كل واحد منهما إنما هو الإبانة عن المعنى والإظهار له (1) ".

(1) كتاب الصناعتين: 7

ـ[معاوية]ــــــــ[15 - 10 - 2006, 01:30 م]ـ

ونحن لن نستقصي هنا ما قاله العلماء في تعريف البلاغة، فسيمر بنا ذلك مفصّلاً فيما بعد، ولكننا نشير منذ الآن إلى أن البلغاء الذين أ ُخذت البلاغة من كلامهم، وعُرفت في أساليبهم قبل أن تُعرف في حدود المؤلفين وتعريفات المصنّفين، كانوا ينظرون إلى البلاغة على أنها هي الوسيلة إلى الإعراب عما في النفس بصورة تمنع من سوء التعبير وسوء الفهم وتصل بالمعنى إلى القلب. ولا شك أن ذلك يعني أنهم جعلوها في منزلة مساوية لمنزلة اللغة، إن لم تكن هي نفسها منزلتها، لأنه إذا كانت اللغة هي وسيلة التفاهم بين الناس فإن كل ما يؤدي إلى هذه الغاية أو يعين على بلوغها فهو جزء من اللغة متمم لها وقيمته من قيمتها، وكذلك كانت البلاغة عند أصحابها من البلغاء المطبوعين.

لقد كان البليغ المطبوع يعرف للبلاغة أو الفصاحة شروطًا يحس بها فيراعيها في كلامه، وكان العربي المطبوع يسمع الكلام البليغ أو الفصيح فيميزه وينفعل له، وقد يطلق عليه حكمًا من الأحكام ...

وسنرى أن ما أحسه البليغ من الشروط فراعاه، وما رآه العربي في الكلام من جمال فأعجب به واستحسنه، أو من قبح فنفر منه واستقبحه، وما أطلقه إثر استحسانه أو استقباحه، وما وصف به المجيدين من أصحاب البيان، أو ما أخذه عليهم من التقصير أو الزلل.

سنرى أن كل ذلك كان نواة للعلم الذي تطوّر حتى استقلّ وعرف فيما بعد بالبلاغة. ولم ينظر أحد من هؤلاء وأولئك إلى البلاغة ـ كما ينظر معظمنا إليها اليوم ـ على أنها أمر تزيين وزخرفة يلجأ إليها من يحب زخرفة القول أو يسعى وراء تزيين الكلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير