تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[معاوية]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 10:05 م]ـ

الفصل الثاني

ظواهر بلاغية في العصر الجاهلي

أ ـــ ما تحدث تاريخ أمة من الأمم بما تحدث به تاريخ العرب من حب هؤلاء القوم للغتهم، وعنايتهم بشأنها، واحتفائهم بها.

لقد أحلَّ العرب لغتهم من حياتهم المحل الأول، فكان لا يكون العربي في نظرهم كاملاً ما لم يبلغ من لسانه الغاية، وكان من يبلغ بلغته نثرًا أو نظمًا منزلة رفيعة من الخطابة والشعر تبلغ به لغته منزلة أرفع بين قومه وأبناء عشيرته، وهو بلغته تلك الرفيعة البليغة يبلغ بقومه أو عشيرته مبلغًا عظيمًا بين القبائل والعشائر .. ولذلك كانوا إذا نبغ منهم شاعر أو خطيب أولموا له واحتفوا به وجعلوه عيدًا لهم وفخرًا.

وهذا الاحتفاء العظيم باللسان يفسّر لنا لماذا كان أهل اللسان من خطباء وشعراء ورؤساء الوفود عند العرب وسفراءهم وممثليهم .. وهم عندهم أهل الرأي والشورى.

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 10 - 2006, 02:07 م]ـ

تابع أ ـــ ولم يكن حب البلاغة مقصورًا على فئة خاصة منهم. وإنما كان طبع العرب كافة. إنه أقرب إلى أن يكون غريزة فيهم أو فطرة فطروا عليها، وهو أعمق وأعم من أن يكون صفة لطائفة معينة منهم، بل لقد شاع حتى بين عامتهم، وشارك فيه نساؤهم وأطفالهم، وما أكثر ما روي عن نسائهم وأطفالهم من أقوال وأجوبة بلغت من البلاغة مبلغًا جعلها تسير حتى يومنا هذا مسير المثل والحكمة.

واستمر ذلك فيهم، وتسلسل في ذراريهم، حتى بدأ اختلاطهم بغيرهم، وبدأت سلائق أهل المدن تضعف وتفسد، فخافوا على سلائق أولادهم، فأخذوا يبعثون بهم إلى البادية ليظلوا في حجر العربية الصرف البعيد عن كل شائبة.

ـ[معاوية]ــــــــ[24 - 10 - 2006, 01:34 م]ـ

ب ــ إن طبيعة الحياة العربية قبل الإسلام كانت طبيعة ذات صلة خاصة باللغة وبلاغتها وفصاحة بيانها؛ وذلك أنها كانت حياة قائمة على التفاخر والتكاثر بالأنساب والأجداد والمآثر والأيام ... والشعر هو الديوان الذي كانوا يفزعون إليه ليسجلوا فيه كل تلك المفاخر .. ولا بد للشعر والشاعر من لغة تفصح وتبين لترفع أو تحط، وتُعلي أو تضع .. فاللغة إذا سلاح القوم وآلتهم في ميدان الفخر والشرف.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير