التركيب: ومعناه أن أي الطرفين المشبه والمشبه به، يأتي مركباً من عناصر متعددة غير قابلة للإفراد، كقول الشاعر [12]:
كأنَّ سُهيلاً والنّجومُ وراءهُ ... فُ صلاةٍ قام فيها إمامُها
فلو أفرد سهيلاً لم يحسن التشبيه، فالتشبيه المركب يشير إلى أن الصورة مشهدية ترتبط بصورة أخرى بسيطة أو مركبة مثلها، فهو هنا ربط مشهد نجم سهيل والنجوم وراءه كإمام يتقدم صفوف المصلين يفعلون ما يفعلأو يتحركون بتحركه ويسكنون بسكونه، وجمالية المشهد علاقة التابعية، وحسن التظيم وضبط الإيقاع للحركة والأصوات ..
أو مركبان تركيباً إذا أفردت أجزاؤه زال المقصود من هيئة المشبه به، وذلك كقول الشاعر [13]:
وَكأنَّ أجرامَ النجومِ لوامعاً ... َرٌ نُثِرنَ على بساطٍ أزرق
فإذا قلت: إن النجوم تشبه الدر، وأن السماء تشبه البساط الأزرق، فقد جعلت المشهد الأول المشبه لا يكسب الهيئة المقصودة من تشبيه الصورة المركبة أجرام النجوم في السماء وهي لوامع بهيئة الدر المنثور على بساط أزرق، ولو لم يذكر اللون الأزرق لضاع من المشبه فكرة صفاء الجو من السحب أو الغيوم. والمراد لمعان النجوم في السماء الصافية كلمعان الدر على ذلك البساط الأزرق.
وإما مفرد بمركب كقول الخنساء [14]:
أغرُّ أبلجُ تأتمُّ الهداةُ بهِ ** علمٌ في رأسه نارُ
وإما مركب بمفرد نحو: الماء الملحُ كالسم.
التشبيه بالنظر إلى طرفيه من جهة الترتيب أو تعددهما
وهو أربعة أقسام: ملفوف ومفروق وتسوية وجمع.
- الملفوف: وهو جمع المشبه مع المشبه أولاً ثم الإتيان بالمشبهات بها ثانياً، كقول الشاعر [15]:
ليلٌ وبدرٌ وغصنٌ ... ووجه وقدُّ
- والتشبيه المفروق: وهو توالي التشبيهات باجتماع المشبه والمشبه به معاً في كل منها كقول الشاعر [16]:
النشر مسكٌ والوجوه دنانيرٌ ... افُ الأكفِّ عَنمْ
- وتشبيه التسوية: وهو أن يتعدد المشبه دون المشبه به كقول الشاعر [17]:
صدغ الحبيب وحالي كلاهما كالليالي
وثغره في صفاءٍ
وأدمعي كاللآلي
- وتشبيه الجمع: وهو يتعدد المشبه به دون المشبه، من ذلك قول الشاعر [18]:
كأنَّما يَبسمُ عن لؤلؤٍ
مُنَضَّدٍ أو بردٍ أو أقاح
تقسيم التشبيه بالنظر إلى وجه الشبه.
وهو أنواع منها:
1 - التشبيه التمثيلي: ويكون وجه الشبه فيه منتزع من متعدد، مثال:
وما المرءُ إلا كالشهابِ وضوئهِ
يوافي تمام الشهر ثم يغيبُ
وجه الشبه سرعة انقضاء العمر ..
2 - وغير تمثيلي: ما كان وجه غير منتزع من متعدد، مثال: وجهك كالبدر، أي في الحسن، وهو غير مشتق من متعدد.
3 - ومفصل: وهو ما ذكر فيه وجه الشبه:
يا شبيهُ البدرِ حُسناً ... وضياءً ومنالا
وشبيه الغصنِ ليناً ... وقواماً واعتدالا
4 - ومجمل: وهو ما حذف منه وجه الشبه، كقول العرب: النحو في الكلام كالملح في الطعام.
5 - القريب المبتذل: كتشبيه: الخد كالورد في الحمرة، زيد كالأسد في الشجاعة. وهو ما يكثر على ألسنة العامة والخاصة، وينتقل العقل بيسر من المشبه إلى المشبه به إلى وجه الشبه من غير إعمال للعقل أو تدبر للأمر.
6 - وبعيد غريب: يحتاج إلى تفكر وتأمل لإدراك مغزاه كقول الشاعر:
والشمس كالمرآة في كف الأشل
التشبيه قياساً بأدواته:
1 - إذا ذكرت أداة التشبيه فهو مرسل: الشنفرى كالطائر في السرعة، فهو مرسل من جهة ذكر الأداة (الكاف) وهو تام من جهة أركانه الأربعة، ومفصل من جهة وجه الشبه ... الخ
2 - وهو مؤكد إذا حذفت أداة التشبيه، أنت حاتم في الكرم أي كحاتم
3 - والتشبيه بليغ إذا اجتمع فيه حذف أداة التشبيه ووجه الشبه معاً، كقولك: زيد بحر، أي كالبحر في العلم أو الكرم.
أغراض التشبيه أو وظائفه:
أ - بيان حال المشبه:
إذا قامتْ لحاجتها تثنَّتْ ... كأنَّ عظامَها مِنْ خَيزرانِ
فغرض التشبيه أن جمال قوامها من لين عظامها لينا مجازياً.
ب – بيان إمكان حاله:
ويلاه إن نظرتْ وإن هي أعرضتْ ... وقعُ السهامِ ونَزعُهنَّ أليمُ
ج – بيان الحال والطريقة: كأنَّ مشيتها من بيتِ جارتها
مَرُّ السحابةِ لا ريثٌ ولا عَجلُ
د – تقرير الحال في نفس المخاطب إذا كان ما أسند إلى المشبه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح بالمثال: إن القلوبَ إذا تنافرَ ودُّها ... مثلُ الزجاجةِ كَسْرُها لا يُجبرُ
هـ - بيان إمكان وجوده أو حصوله:
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنتَ مِنهمْ ... فإنَّ المسكَ بعضُ دمِ الغَزالِ
و – المدح أو التحسين:
كأنَّكَ شمسٌ والملوكُ كواكبٌ ... إذا طلَعتْ لم يبدو منهنَّ كوكبُ
ز – الهجاء والتقبيح:
وإذا أشار مُحدِّثاً فكأنه ... قِردٌ يُقَهقهُ أو عَجُوزٌ تَلطِمُ
ح – طرافة التشبيه: أن يكون المشبه به نادر الحضور كما إذا شبه الفحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب.
ط – الندرة: أي ندرة حضور المشبه به في النفس بحضور المشبه، كقول ابن المعتز يصف الهلال:
انظر إليهِ كزورقٍ من فِضَّةٍ ... قد أثقلتهُ حمولةٌ من عنبرِ
والواقع أن أغراض التشبيه لا حصر لها.
قوة التشبيه وضعفه:
بالنظر إلى الأدوات أو الأركان: البليغ أعلاها رتبة، والمؤكد والمجمل في الرتبة الثانية، وأدناها تام الأركان، ويتقدم التمثيلي وإن كان مجملاً لانتزاع وجه الشبه فيه من متعدد، ويتقدم التشبيه الضمني والمقلوب إلى رتبة متوازية.
وللمزيد من الدرس في علم البيان تجدها على هذا الرابط الرائع
http://arabnaked.blogspot.com/2006/12/blog-post_5549.html
للأستاذ/عبد الكريم حسين
¥