ويسأل بها عن الفَضلة؛ كالمفعُول به مثل: (أزيداً زرتَ أم خالداً؟) والحال مثل: أراكباً جئتَ أم ماشياً، والظرف مثل: (أغَداً تذهبُ أم بعده؟). ومن المفعول به قوله تعالى:) قل أالذكرين حَرَّم أَم الأُنثيين أَمْ ما اشتملت عليه أَرحام الأنثيين ((الأنعام 6/ 144) ....
وتخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي إلى الاستفهام المجازي في عدة مواضع وسنشير إليها هنا وسنفصّل القول فيها من بعدُ؛ وهي (التقرير، والتسوية، والإنكار الإبطالي والتوبيخي، والتهكم، والأمر، والتعجب والاستبطاء). وقيل: إنها ثمانية ولا صحة لغيرها، وتستعمل معها (أم) أو لا؛ ولا يحتاج الاستفهام إلى إجابة (34).
ب ـ هل:
وهو حرف وضع لطلب التصديق الإيجابي دون التصور، ودون التصديق السلبي، كما تختص بالاستقبال غالباً، وإنْ دخلت على الماضي كما في قول زهير:
فمَن مبلغُ الأَحْلافَِ عنّي رسالةً وذُبْيانَ: هل أقسمتُمُ كل مُقْسَمِ؟
ولا تدخل على الشرط، ولا على (إنَّ)، ولا على اسم بَعْدَه فعل في الاختيار. وقد تقع بعد العاطف لا قبله، وبعد (أَمْ) كقوله تعالى:) هَلْ يَسْتوي الأَعمى والبصير أم هَلْ تستوي الظلمات والنور ((الرعد 13/ 16) وقد يراد بها النفي فتدخل على الخبر كقوله تعالى:) هل جزاء الإِحسان إلا الإحسان ((الرحمن 55/ 60)، وتأتي بمعنى (قد) مع الفعل كقوله تعالى:) هل أَتى على الإنسان حِيْنٌ من الدهر ((الإنسان 76/ 1). وقيل غير هذا (35) وما تقدم كله يدخل في الاستفهام المجازي لـ (هل) ولا يحتاج إلى إجابة بينما الاستفهام الحقيقي الذي وضع للتصديق يحتاج إلى إجابة. وفيه تُسمى (هل) بسيطة؛ لأنه يستفهم بها عن وجود شيء في نفسه؛ و الجواب يكون بـ (نعم) للإثبات و (لا) للنفي. ولهذا لا يجوز أن تستعمل (أم) المعادلة معها؛ وإذا استعملت فهي بمعنى (بل) وتُسمّى المنقطعة؛ كقولنا: (هل نجح زيد أم عمرو؟). فالسؤال عن عمرو لا عن زيد؛ فكأن السؤال: (بل نجح عمرو؟) وكقوله تعالى:) أم له البنات ولكم البنون ((الطور 52/ 39) أي (بل ألهُ البنات ... ؟) وقد تستبدل (أل) بـ (هل) فنقول: أل فَعَلتَ؟ على معنى: هل؛ وهو إبدال الخفيف ثقيلاً كما في الآل عند سيبويه (36).
2 ـ أسماء الاستفهام:
أسماء الاستفهام إما مبنية وإما معربة، وتستعمل للتصوّر فقط ويحدّد فعل التصور؛ ويوضَّح بالإجابة حين يُعَيَّن المسؤول عنه. والمبنية سبعة أسماء والمعربة اسم واحد، كما هو مبين فيما يأتي.
1 ـ الأسماء المبنية:
وتبنى على حركة آخرها؛ وهي:
1 ـ ما: وتستعمل لغير العاقل؛ ويطلب بها السؤال عن معرفة حقيقة الشيء المستفهم عنه أو شرحه. فمن معرفة الحقيقة قولنا: (ما الإنسان؟ أو ما العَسْجد؟).
ومن معرفة شرح حاله أو صفته قوله تعالى:) ادعُ لنا ربَّك يبيِّن لنا ما هي ((البقرة 2/ 68)؛ وقوله:) ادعُ لنا ربَّكَ يبيِّنُ لنا ما لونُها ... ((البقرة 2/ 69) وقوله:) ما تِلْكَ بيمينكَ يا موسى ... ((طه 20/ 17) وقوله:) ما سَلَكَكُم في صَقَرَ ((المدثر 74/ 42). فاستعمل (ما) لم يكن فقط للدلالة على غير العاقل، وإنما أبرزت معنى المباينة الدالة على الإبداع، فهي توحي بالزجر والإنذار ... أما من جهة حذف (الألف) في (ما) فإنه يقع في (ما) الاستفهامية للتفريق بينها وبين (ما) الموصولية، أي للتفريق بين الاستفهام والخبر، كقوله تعالى:) فيمَ أَنتَ مِنْ ذكراها ((النازعات 79/ 43). وحذف الألف مع الجر واجب، وندر إثباته إلا للضرورة الشعرية كما في قول حسان بن ثابت:
على ما قام يشتمُني لئيمٌ كخِنْزيرٍ تَمَرَّغ في دَمانِ؟!
ويجوز إثباتها في الاستفهام التعجبي على مَنْ ذهب لهذا المعنى في قوله تعالى:) فبما رحمةٍ من الله لِنْتَ لهم ((آل عمران 3/ 159) فهي بمعنى: فبأيّ رحمةٍ ... أما من جعل (ما) في هذه الآية زائدة فقد خرج من الموضوع كله، فهي زائدة للتوكيد (37).
وإذا رُكِّبَتْ (ما) مع (ذا) لا تحذف ألفها، وتكون أداة متكاملة، كلها اسم جنس بمعنى شيء، كقول المثقب العبدي:
دَعِي ماذا عَلمْتُ؟ سأَتَّقيهِ ولكِنْ بالمُغَيَّبِ نَبِّئيني
فالجمهور أعرب (ماذا) مفعولاً به لفعل (دعي) (38). واختلف في شأن تركيب (ماذا) فمنهم من لم يرض بأن تكون كلها اسم جنس، وذهبوا إلى أن (ذا) إما موصولية وإما اسم إشارة؛ وعليه قوله تعالى:) يَسألونكَ: ماذا ينفقون؟ ((البقرة 2/ 219).
¥