[عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم]
ـ[ود أبونا]ــــــــ[17 - 11 - 2007, 11:19 م]ـ
اصطفى المولى عزَّ شأنه النبي العربي لختام رسالاته، وجعل القرآن العظيم معجزته الكبرى، الشاهدة على نبوته. وقد جرت حكمة الله تعالى أن تتوفر في معجزة القرآن الكريم مجموعة من الصفات الضرورية، منها:
• أن القرآن الكريم جاء خارقاً للعادة، ولا طاقة للبشرية للإتيان بمثله.
• أنه جاء ملائماً لطبيعة المخاطبين بها نفسياً، ومسايراً لتدرج البشرية في مراحل تطورها: فهو قد ناسب العصر والزمان الذي بعث فيه نبينا الكريم، والعصور التي تلته، كما يناسب عصرنا تماماً. ولاشك أنه سيناسب ما يجد من عصور حتى قيام الساعة.
•وقد جاءت معجزة القرآن الكريم مقترنة بالتحدي مع توفر أسباب التحدي للعرب والبشرية جمعاء؛ بأن مكنهم من أسباب البيان، وطلاقة الأداء اللغوي.
وقد جعل الله معجزة القرآن خالدة لتتوافق مع رسالته العامة للبشرية جمعاء، وحفظ القرآن من كل تحريف وتبديل، فقال تعالى: ? وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ?41? لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ?42? (فصلت: 41 - 42) وقال تعالى: ? إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ? (الحجر:9)
وقد سبق لعلماء الأمة أن تساءلوا عن سر تأثير القرآن الكريم، ومباينته لكلام البشر إبانة وإفصاحاً؛ فاختلفت مذاهبهم في بيان الإعجاز، وتعددت أقوالهم في وجوهه، إلا إن الإعجاز البياني كان أهم هذه الوجوه .. وقد وسعت الكشوف العلمية في هذا العصر من دائرة البحث في أسرار القرآن الكريم، للوقوف على آفاق جديدة من وجوه إعجازه؛ فتركز جهد كثير من العلماء في دراسة الإعجاز العلمي؛ ومما ذكروه لتدعيم وجهة نظرهم نذكر ما يأتي:
• أنه ينبغي ألا نحصر الإعجاز القرآني في حدود بلاغته، وروعة بيانه، وسحر تأثيره، بعد أن فقدنا في هذا العصر التذوق الفطري الذي كان يتمتع به العربي في وقت نزول القرآن، وفقدنا الإدراك الفني لأساليب الأداء خارج إطار حلقات الدرس، ولم نعد في المستوى البلاغي والبياني الذي كان له.
• أن القرآن الكريم يتضمن أسراراً علمية لا يعلمها إلا اله،، يمكن إدراكها كلما كشف الحجاب عنها؛ فإذا أدركها الناس قالوا هذا ما أخبرنا به الله.
• أن القرآن الكريم كتاب الله وحجته البالغة على عباده؛ فالإنسانية كلها مخاطبة به، ومطالبة للتسليم له، فوجب أن يتضح إعجاز القرآن لكل إنسان في جميع بقاع الأرض.
• أنه لابد لهذه الحقائق العلمية التي تضمنها القرآن المجيد أن تقوم دليلاً محسوساً عند كل ذي عقل على أن القرآن من عند الله خالق هذه الحقائق.
وقد فرَّق بعض العلماء بين وجوه الإعجاز، ودلائل كون القرآن من عند الله تعالى وحده؛ فحصروا وجوه الإعجاز التي قرنت فيما يتعلق بالقرآن ذاته: من بديع النظم والأسلوب وجزالة الألفاظ. أما الإعجاز العلمي، وما تضمنه القرآن الكريم من أمور غيبية ونحوها فقد أبعدوها من وجوه الإعجاز، وذكروا لتدعيم قولهم مجموعة من الأدلة، منها:
• أن هذا الوجه، ليس مما تحداهم به، ولكنه دليل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن من عند الله وحده، وعدوا كشف دلائل الإعجاز العلمي من قبيل التفسير العلمي للآيات المتضمنة على حقائق علمية، إذا كانت منسجمة مع دلالات ألفاظها اللغوية.
• قالوا إن سياق هذه الآيات كان واضحاً في كل عصر، وفهمه كل قوم بحسب مستوى عصرهم العلمي؛ لأنه فهمٌ لما يتضمنه القرآن مما يمكن إدراكه، والتعبير عنه بالترجمة. وما يمكن أن يقدر عليه الناس بالتعلم والمرانة لا يكون معجزاً.
• أن هذا الوجه يتعارض مع المدلول اللغوي والاصطلاحي لكلمة الإعجاز والمعجزة؛ فقد وقع التحدي بأي سورة مهما كان موضوعها أو عدد آياتها، وليست كل سورة تتضمن حقيقة كونية.
• أن سبق القرآن بذكر حقيقة علمية معينة، وإن كان دليلاً على أن ما يتضمنه القرآن الكريم لا يمكن أن يكون من كلام رجل لم يشهد ما وصله عالمنا المعاصر من تقدم تكنولوجي؛ فإنه ليس إعجازاً، بل يلحق إلى قدرة الله تعالى في العلم.
• هذا في الوقت الذي نبهوا فيه أن الإعجاز البياني مما لا يستطاع أبداً، وإن اجتهد الناس في تعلمه، ولهذا كان فيه التحدي ...
• ورداً على حجة أن من مقتضيات الأخذ بوجه الإعجاز العلمي: أن الأمة فقدت في زماننا هذا ما كان يتمتع به العربي في وقت نزول القرآن من تذوق فطري، وإدراك فني لأساليب الأداء ـ قالوا إن العرب لم يكونوا عند نزول القرآن على درجة واحدة من البلاغة والقدرة البيانية.
• ونفوا، في الوقت نفسه، أن يكون الناس في زماننا هذا كلهم علماء، وعلى قدر عال من المعرفة العلمية
• فماذا تقول أنت؟