[روعة التصوير في قوله تعالى (فضرب بينهم بسور له باب)]
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[27 - 10 - 2007, 02:45 ص]ـ
يقول تعالى مصورا لقطة من لقطات مشاهد القيامة، لقطة أحوال المنافقين يوم القيامة، مقابل أحوال المؤمنين (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور) الحديد"13 - 14"
إن هذه اللقطة تصور معاملة المنافقين يوم الحشر بمثل ما كان منهم في الدنيا، بأسلوب تهكمي ساخر، إذ كانوا بين صفوف المؤمنين، ينتمون إليهم ظاهرا، ويعملون بمثل أعمالهم الظاهرة، لكنهم كانوا منخذلين عنهم سرا، ومتجهين لغيراتجاههم، وسالكين غيرسبيلهم باطنا، وكانوا لايملكون نور الإيمان الصادق والإسلام الصحيح، بخلاف أحوال المؤمنين، ففي يوم القيامة يتعرض أهل المحشرلظلمة شديدة لايرون فيها مسيرهم الذي يساقون فيه إلى موقف حسابهم، باستثناء المؤمنين الذين يهبهم الله نورا يسعى بين أيديهم.
أما المنافقون فيحشرون أول الأمر مع المؤمنين، باعتبار أنهم كانوا في الدنيا معهم بحسب الظاهر، ثم يتوجه المؤمنون ويسرع كل واحد منهم بمقدار ما كان يملك من قوة الإيمان، ويقال لهم تطمينا (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) الحديد"12"
ولما كان المنافقون محرومين من الإيمان في الدنيا، فإنهم لا يملكون القدرة على السعي، فهم في بداية المسيرة يستفيدون من نور المؤمنين، فيمشون وراءهم قليلا، ثم ينقطعون عجزا عن المتابعة ويسبقهم المؤمنون وتسبقهم معهم أنوارهم، ثم يقولون لمن يعرفونهم من المؤمنين، انتظرونا، عندئذ يقال لهم بأسلوب فيه تهكم وسخرية بهم، ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا بأنفسكم بما قدمتم من كسب في دنياكم، إن كنتم قادرين على التماس نور.
حينئذ يقيم الله عز وجل بين المؤمنين والمنافقين سورا يحجب المنافقين عن متابعة السير في جهة مسير المؤمنين، ويجعل الله لهذا السور بابا ويبدو أنه سور يمنع الرؤية ولكنه لا يمنع الصوت.
وهذا السور له باطن حسن جميل، وهو مامنه إلى جهة المؤمنين، وله ظاهر مخيف موحش وهو ما كان منه إلى جهة المنافقين
انظر إلى براعة القرآن التصويرية في وصف السور، إن له ظاهرا مخالفا لباطنه وكأنه بهذا الوصف يجسد حال المنافق في الدنيا، فباطنه كفر وظلام، وظاهره إيمان ونور
ثم تأمل استعمال القرآن للفعل"ينادونهم "في وسيلة التخاطب بين المؤمنين والمنافقين بعد ضرب السور بينهم، ففي هذا الاختيار إيحاء بأن هذا السور قد بلغ من المتانة والغلظ الدرجة التي اضطرتهم إلى رفع أصواتهم بالنداء "ينادونهم ألم نكن معكم"
ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 10 - 2007, 03:03 ص]ـ
مشكور د. أم عبد الرحمن على هذا الموضوع الرائع، وفقك الله أنا أتابع ما تكتبين
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[16 - 11 - 2007, 10:47 م]ـ
بارك الله فيك دكتورأم عبد الرحمن وجزاك خيرا
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[19 - 11 - 2007, 12:33 م]ـ
جزاكما الله خير الجزاء على مروركما، ووقانا وإياكم من النفاق وأهله.
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 11 - 2007, 12:32 ص]ـ
جزاكم الله خير الاخت د/أم عبدالرحمن
ونطمع بالمزيد!!!