تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من سورة يوسف (متجدد)]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 11:01 م]ـ

قال تعالى في سورة يوسف: " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30)

قال ابن القيم رحمه الله في كتاب اغاثة اللهفان:

(وهذا الكلام متضمن لوجوه من المكر:

أحدها: قولهن امرأة العزيز تراود فتاها ولم يسموها باسمها بل ذكروها بالوصف الذي ينادى عليها بقبيح فعلها بكونها ذات بعل فصدور الفاحشة منها أقبح من صدورها ممن لا زوج لها

الثاني أن زوجها عزيز مصر ورئيسها وكبيرها وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها

الثالث أن الذي تراوده مملوك لا حر وذلك أبلغ في القبح

الرابع أنه فتاها الذي هو في بيتها وتحت كنفها فحكمه حكم أهل البيت بخلاف من طلب ذلك من الأجنبي البعيد

الخامس أنها هي المراودة الطالبة

السادس أنها أنها قد بلغ بها عشقها له كل مبلغ حتى وصل حبها له إلى شغاف قلبها

السابع أن في ضمن هذا أنه أعف منها وأبر وأوفى حيث كانت هي المراودة الطالبة وهو الممتنع عفافا وكرما وحياء وهذا غاية الذم لها

الثامن أنهن أتين بفعل المرادودة بصيغة المستقبل الدالة على الإستمرار والوقوع حالا واستقبالا وأن هذا شأنها ولم يقلن راودت فتاها وفرق بين قولك فلان أضاف ضيفا وفلان يقري الضيف ويطعم الطعام ويحمل الكل فإن هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته

التاسع قولهن إنا لنراها في ضلال مبين أي إنا لنستقبح منها ذلك غاية الإستقباح فنسبن الإستقباح إليهن ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى ولا يكدن يرين ذلك قبيحا كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور وأنه مما لا ينبغي أن تساعد عليه ولا يحسن معاونتها عليه

العاشر أنهن جمعن لها في هذا الكلام واللوم بين العشق المفرط والطلب المفرط فلم تقتصد في حبها ولا في طلبها أما العشق فقولهن قد شغفها حبا أي وصل حبه إلى شغاف قلبها وأما الطلب المفرط فقولهن تراود فتاها والمراودة الطلب مرة بعد مرة فنسبوها إلى شدة العشق وشدة الحرص على الفاحشة فلما سمعت بهذا المكر منهن هيأت لهن مكرا أبلغ منه فهيأت لهن متكأ ثم أرسلت إليهن فجمعتهن وخبأت يوسف عليه السلام عنهن وقيل إنها جملته وألبسته أحسن ما تقدر عليه وأخرجته عليهن فجأة فلم يرعهن إلا وأحسن خلق الله وأجملهم قد طلع عليهن بغتة فراعهن ذلك المنظر البهي وفي أيديهن مدى يقطعن بها ما يأكلنه فدهشن حتى قطعن أيديهن وهن لا يشعرن وقد قيل إنهن أبن أيديهن والظاهر خلاف ذلك وإنما تقطيعهن أيديهن جرحها وشقها بالمدى لدهشهن بما رأين

فقابلت مكرهن القولي بهذا المكر الفعلي وكانت هذه في النساء غاية في المكر.

ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[30 - 03 - 2008, 10:09 م]ـ

رائعٌ ما خطت يدك استاذي

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 04:39 م]ـ

عزيز مصر:

في القرآن الكريم:

"وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه

وفيه أن إخوة يوسف قالوا له:

"يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر".

وكانت هذه تحية ملوكهم وعظمائهم وإلى الآن؛ قال بعض الظرفاء في الاقتباس من القرآن من قصة يوسف عليه الصلاة السلام:

أيهذا العزيز قد مسنا الضر = ر جميعاً وأهلنا أشتات

ولنا في الرحال شيخ كبير = ولدينا بضاعة مزجاة

وقال أبو الحسن بن طباطبا، وهو يهجو حرة بني رستم:

خليلي اغتممت فعللاني = بصوتٍ مطربٍ حسنٍ وجيزٍ

عزيزة رق حافرها فأزرت = برقة حافر امرأة العزيز

(ثمار القلوب في المضاف والمنسوب؛ للثعالبيّ)

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:26 م]ـ

النسوة اللاتي قطعن أيديهنّ:

قال: وفشا في المدينة، وشاع عند نساء الأكابر خبرها، فعتبنها عليه، وهو قوله تعالى: " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين " فلما بلغها ذلك من قولهن " أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأً ".

قال: استدعت امرأة الكاتب والوزير وصاحب الخراج وصاحب الديوان.

وقيل: إن النساء اللاتي تكلمن في أمر زليخا امرأة الساقي وامرأة الخباز وامرأة صاحب الديوان وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب؛ والله أعلم.

قيل: إنها أقدمت إليهن صواني الأترج وصحاف العسل:

" وأتت كل واحدة منهن سكيناً " وزينت يوسف.

وقالت: إنك عصيتني فيما مضى، فإذا دعوتك الآن فاخرج.

فأجابها إلى ذلك؛ قال الله تعالى: " فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأً وآتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشى لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم ".

قال: كن يأكلن الأترج بالسكاكين فنالهن من الدهش والحيرة ما قطعن أيديهن وتلوثت بالدماء ولم يشعرن؛ فقالت لهن زليخا ما حكاه الله عنها:

" قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ".

وقيل: إن النساء خلون به ليعدلنه لها، فراودته كل واحدة منهن عن نفسه لنفسها، ثم انصرفن إلى منازلهن.

ثم دعته زليخا وراودته، وتوعدته بالسجن إن لم يفعل؛ فقال يوسف ما أخبر الله به عنه:

" قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ".

قال: فلما أيست زليخا منه مضت إلى الملك ريان بن الوليد - وكانت لا ترد عنه - فقالت: إني اشترت عبداً، وقد استعصى علي، ولا ينفع فيه الضرب والتوبيخ، وأريد أن أحبسه مع العصاة. فأمر الملك بحبسه، وأن يفرج عنه متى اختارت؛ فأمرت السجان أن يضيق عليه في محبسه ومأكله ومشربه؛ ففعل ذلك؛ فأنكره العزيز، وأمر أن ينفل إلى أجود أماكن السجن، ويفك قيده، وقال له: لولا أن زليخا تستوحش من إخراجك لأخرجتك، ولكن اصبر حتى ترضى عنك ويطيب قلبها.

إلهام يوسف التعبير ونزل جبريل - عليه السلام - وبشره أن الله قد ألهمه تعبير الرؤيا فعرفه بإذن الله عز وجل، وأنبت الله له شجرة في محبسه يخرج منها ما يشتهيه.

(نهاية الأرب في فنون الأدب؛ للنويريّ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير