تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أسلوب الاستفهام بلاغياً

ـ[محمد سعد]ــــــــ[16 - 10 - 2007, 02:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا بحث قيِّم أعجبني حول " الخبر والإنشاء، اسلوب الاستفهام دراسة بلاغية للدكتور: حسين جمعة، احببت أن أطلعكم عليه أرجو أن يكون فيه الفائدة.

أسلوب الاستفهام وبلاغته وجمالياته

ـ توطئة

يعدّ أسلوب الاستفهام أحد أساليب الإنشاء الطلبي في الجملة العربية سواء كان لهدف محدد ومباشر أم كان لتصور إيحائي جمالي غير مباشر عند المتكلم. فالاستفهام قد لا يبحث فيه المتكلم عن إجابة محددة؛ وإنما يهدف إلى تصور ما يتحدث عنه فيخرجه عن حقيقته إلى مقاصد شتى؛ ويكون بوساطة أدوات سميت بأدوات الاستفهام، تستعمل في أقسامه.

ولا مراء في أن أسلوب الاستفهام أسلوب لغوي ـ قبل كل شيء ـ وأساسه طلب الفهم؛ والفَهْم صورة ذهنية تتعلق بشخص ما أو شيء ما، أو بنسبة أو بحكم من الأحكام على جهة اليقين أو الظن. وله قسمان: حقيقي ومجازي؛ وكلاهما لقي عناية البلاغيين العرب قديماً وحديثاً (32) وتعرضوا لأغراضهما وإن لم تجتمع متكاملة كما هي لدينا.

القسم الأول: الاستفهام الحقيقي:

هو طلب العلم بشيء اسماً أو حقيقةً أو صفة أو عدداً لم يكن معلوماً من قبل، أو هو الاستخبار الذي قيل فيه: طلب خبر ما ليس عند المتكلم، أو هو ما سبق أولاً؛ ولم يفهم حق الفهم فطلب فهمه من المخاطب فإذا سئل عنه ثانياً كان استفهاماً (33). أي إن المتكلم يطلب من المخاطب أن يحصل لديه فهم دقيق عن أمر لم يكن حاصلاً قبل سؤاله عنه. وقد استعمل البلاغيون مصطلح (الاستفهام) لكليهما معاً في أدوات الاستفهام كلها، كما يأتي:

1 ـ الحروف؛ وهي حرفان:

أ ـ الهمزة:

خُصَّت بأمور لم تعرف بها بقية أدوات الاستفهام وهي:

1 ـ تحذف ولو تقدمت على (أم) أو لم تتقدمها،، فمن ذلك قول عمر بن أبي ربيعة:

فو الله ما أدري وإن كنتُ دارياً بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجمرَ أم بثمانِ؟

أراد: أَبسبع ... ولم تتقدم (أم) في قول الكميت:

طَرِبْتُ وما شَوْقاً إلى البِيْضِ أَطْربُ ولا لَعِباً منِّي؛ وذو الشَّيْبِ يلعَبُ؟

أراد: أَوَ ذو الشيب يلعب؟

2 ـ تدخل على الإثبات ـ كما تقدم في الأمثلة ـ وعلى النفي كقوله تعالى:) أَلم نَشْرح لكَ صَدرك ((الانشراح 94/ 1).

3 ـ تتصدر الهمزة جملتها، بينما تتأخر الأدوات الأخرى عن حروف العطف مثلاً ...

4 ـ تكون الهمزة للتصديق وللتصور، بينما (هل) للتصديق فقط؛ وبقية أدوات الاستفهام للتصور؛ ومن الشواهد على ذلك كله قول عدي بن زيد:

أيها الشامتُ المعيِّرُ بالدهر أأنتَ المُبَرَّأ الموفورُ؟!

والتصديق: هو طلب السؤال عن شيء حدث وقوعه أم لا؛ وتكون الإجابة عليه بكلمة (نعم) للإثبات، و (لا) للنفي؛ كقولنا: (أنجح زيد؟) وقوله تعالى:) أَأَنتَ فَعَلْتَ هذا بآلهتنا يا إبراهيم ((الأنبياء 21/ 62). فالتصديق إدراك نسبة الفعل بدقة، لأن المتكلم مُتَردّد بين إثبات الشيء ونفيه. ولهذا يطلب تحديد الإجابة وتعيينها، ومن ثم يمتنع ذِكْر المعادل بـ (أم)؛ فإذا استعملت الهمزة للتصديق؛ وجاء معها (أم) فهي أم المنقطعة وتكون بمعنى (بل) وكذا استعملت مع (هل). فالمتصلة لا يستغني ما قبلها عما يليها؛ عكس المنقطعة، فإذا قلنا: أنجح زيد أم عمر؟ فالسؤال عن عمرو، لأننا لأمرٍ ما كالنسيان وقع لفظ (زيد) على لساننا وهو غير مقصود ... وهذا يعني أن (أَم) بمعنى (بل).

والتصور: هو إدراك المفرد؛ والاستفسار عن كيفية حدوث فعل ما؛ ويتلو همزة التصور المسؤول عنه؛ وتقترن بـ (أم) المعادلة ـ غالباً وتسمى هنا (المتصلة).

وتكون الإجابة على ذلك بتحديد الفعل، ومن قام به على وجه الدقة، على اعتبار أن المتكلم عارف بأن الحدث قد وقع لكنه لا يعرف كيفيته بدقة؛ كقولنا: (أزيد قائم أم عمرو؟) وقال الزركلي:

حُلُمٌ على جَنباتِ الشام أم عِيْدُ لا الهَمُّ همٌّ ولا التسهيد تَسْهيد؟!

لهذا كله يُسأل عن المسند إليه سواء كان مبتدأً أم فاعلاً؛ كقولنا: (أسافر زيد أم خالد؟) أو قولنا: (أزيد نجح أم محمد؟) ...

ويُسْأَل بها عن المسند كقولنا: (أذاهبٌ أنت غداً إلى دمشق أم ذاهب إلى حلب؟) ....

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير