لذلك فعندما قال (بوالديه) ذكر ما يتعلق في الأصل بالأم، ولذلك فهذه الناحية تقول: ينبغي الإحسان إلى الوالدة قبل الأب وأكثر من الأب. ولذلك لا تجد في القرآن الكريم البر أو الدعاء أو التوصية إلا بذكر الوالدين لا الأبوين
أمثلة:
"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً 23" الإسراء
" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً 36" النساء
" قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً 151"الأنعام وكذلك البر والدعاء والإحسان.
"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ 41" إبراهيم
" رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً 28" نوح
"وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً 8" العنكبوت.
" وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً 15" الأحقاف.
لم يرد استعمال (الأبوين) إلا مرة في المواريث، حيث نصيب الأب أكثر من نصيب الأم، أو التساوي في الأنصبة. لكن في البر والتوصية والدعاء لم يأت إلا بلفظ الوالدين إلماحا إلى أن نصيب الأم ينبغي أن يكون أكثر من نصيب الأب.
كما ان لفظ (الأبوان) قد يأتي للجدين: "وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ 6" يوسف
ويأتي لآدم وحواء: "يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ 27" الأعراف
فاختيار الوالدين له دلالات مهمة.
ثم هو هنا لم يأت بالأب أصلا بل قال (حملته أمه وهنا .. ) ولم يرد ذكر للأب أبدا، لذلك كان اختيار الوالدين انسب من كل ناحية.
قد تقول إن هذا الأمر تخلف في قصة سيدنا يوسف عندما قال: "وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً100" يوسف فاختار الأبوين. الجواب: لم يتخلف هذا الأمر، فعندما قال رفع أبويه لم يتخلف وإنما هو على الخط نفسه، وذلك لما يلي:
أولا: في قصة يوسف لم يرد ذكر لأم مطلقا ورد ذكر الأب فهو الحزين وهو الذي ذهب بصره .. الخ ولم يرد ذكر للام أصلا في قصة يوسف.
ثانيا: في هذا الاختيار أيضا تكريم للأم لأنه قال: "وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً100" فالعادة أن يكرم الابن أبويه، ليس أن يكرم الأبوان الابن ولكن هنا هم خروا له سجدا فالتكريم هنا حصل بالعكس من الأبوين للابن ولذلك جاء بلفظ الأبوين لا الوالدين إكراما للام فلم يقل: ورفع والديه
o وفيها إلماح آخر أن العرش ينبغي أن يكون للرجال.
فلما قال أبويه هنا ففيه تكريم للأم، ويلمح أن لعرش ينبغي أن يكون للرجال، ويناسب ما ذكر عن الأب إذ القصة كلها مع الأب، فهو الأنسب من كل ناحية
وهنا قد يرد سؤال: إن الأم هي التي تتأثر وتتألم أكثر وتحزن فلماذا لم يرد ذكرها هنا؟ ألم تكن بمنزلة أبيه في اللوعة والحسرة؟
لا .. المسألة أمر آخر، أم يوسف ليست أم بقية الإخوة، هي أم يوسف وأخيه فقط، ولذلك فيكون كلامها حساسا مع إخوته، أما يعقوب عليه السلام فهو أبوهم جميعا، فإذا عاتبهم أو كلمهم فهو أبوهم، أما الأم فليست أمهم، فإذا تكلمت ففي الأمر حساسية، وهذا من حسن تقديرها للأمور فكتمت ما في نفسها وأخفت لوعتها حتى لا تثير هذه الحساسية في نفوسهم وهذا من حسن التقدير والأدب، فلننظر كيف يختار القرآن التعبيرات في مكانها ويعلمنا كيف نربي ونتكلم مع أبنائنا.
منقول
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 11 - 2007, 08:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم
ـ[طارق بن محمد شبل]ــــــــ[29 - 11 - 2007, 12:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا