تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد "براعة الاستهلال": وهي كون ابتداء الكلام مناسباً للمقصود، كما يقول صاحب "التعريفات"، بعد براعة الاستهلال بـ: "دعاء الثناء" يأتي:

"دعاء المسألة":

اهدنا الصراط المستقيم:

والهداية على أنواع:

فهداية دلالة وإرشاد: امتن الله، عز وجل، علينا بها، فبعث الرسل مبشرين ومنذرين، فاستقامت الملة وأقيمت الحجة، وورث العلماء العلم الإلهي، ميراث النبوة، فلا يستغني عنهم عابد أو مستفت.

وهداية توفيق وإلهام: لا تكون إلا لله، عز وجل، فمن شاء ثبته، ومن شاء قلبه، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابعه.

وهداية تثبيت: على الحق بعد معرفته وامثتال أمره.

فالدعاء في الآية يشمل الأنواع الثلاثة، وإن كان يتوجه ابتداء إلى النوع الثالث، لأن المصلي قد عرف الحق وامتثله، فلم يبق إلا أن يسأل الملك، عز وجل، أن يثبته عليه.

فهو من قبيل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)، فليس المقصود بالأمر في الآية: إنشاء الفعل من العدم، كما اشترط الأصوليون في صحة التكليف، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتقى العباد لربه، عز وجل، وإنما المقصود الأمر بالاستمرار على التقوى، وقد خرجه بعض أهل العلم على أنه خطاب لأمة الإسلام في شخص نبيها، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيكون كغالب خطابات التكليف: خاصا في اللفظ، عاما في المعنى، كما في قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، فالخطاب موجه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابتداء، وإلى الخلفاء من بعده.

صراط الذين أنعمت عليهم: بيان بعد إجمال فالصراط المستقيم هو: صراط الذين أنعم الله عليهم: (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)، و: البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، كما يقول الأصوليون، وأي حاجة أعظم من بيان الصراط المستقيم، فتلا البيان الإجمال مباشرة في نفس الموضع.

غير المغضوب عليهم ولا الضالين: فأمة الإسلام وسط في العقائد والشرائع بين اليهود الجافين والنصارى الغالين، والحق وسط بين طرفين.

وأهل السنة بين النحل كأهل الإسلام بين الملل فهم الفرقة الوسط، فلا إفراط ولا تفريط في العلم أو العمل، و: (القصد تبلغه).

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير