تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جارية رمت بها في الحفرة، وردت التراب عليها، وإن ولدت غلاما حبسته، ومنه قوال الراجز: سميتها إذ ولدت تموت ** والقبر صهر ضامن زميت الزميت الوقور، والزميت مثال الفسيق أوقر من الزميت، وفلان أزمت الناس أي أوقرهم، وما أشد تزمته؛ عن الفراء. وقال قتادة: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاتبهم الله على ذلك، وتوعدهم بقوله {وإذا الموؤودة سئلت} قال عمر في قوله تعالى {وإذا الموؤودة سئلت} قال: جاء قيس بن عاصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني وأدت ثماني بنات كن لي في الجاهلية، قال: (فأعتق عن كل واحدة منهن رقبة) قال: يا رسول الله إني صاحب إبل، قال: (فأهد عن كل واحدة منهن بدنة إن شئت). وقوله تعالى {سئلت} سؤال الموؤودة سؤال توبيخ لقاتلها، كما يقال للطفل إذا ضرب: لم ضربت؟ وما ذنبك؟ قال الحسن: أراد الله أن يوبخ قاتلها؛ لأنها قتلت بغير ذنب. وقال ابن أسلم: بأي ذنب ضربت، وكانوا يضربونها. وذكر بعض أهل العلم في قوله تعالى {سئلت} قال: طلبت؛ كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل. قال: وهو كقوله {وكان عهد الله مسؤولا} [الأحزاب: 15] أي مطلوبا. فكأنها طلبت منهم، فقيل أين أولادكم؟ وقرأ الضحاك وأبو الضحا عن جابر بن زيد وأبي صالح {وإذا الموؤودة سألت} فتتعلق الجارية بأبيها، فتقول: بأي ذنب قتلتني؟! فلا يكون له عذر؛ قال ابن عباس وكان يقرأ {وإذا الموؤودة سألت} وكذلك هو في مصحف أبي. وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المرأة التي تقتل ولدها تأتي يوم القيامة متعلقا ولدها بثدييها، ملطخا بدمائه، فيقول يا رب، هذه أمي، وهذه قتلتني). والقول الأول عليه الجمهور، وهو مئل قوله تعالى لعيسى {أأنت قلت للناس}، على جهة التوبيخ والتبكيت لهم، فكذلك سؤال الموؤودة توبيخ لوائدها، وهو أبلغ من سؤالها عن قتلها؛ لأن هذا مما لا يصح إلا بذنب، فبأي ذنب كان ذلك، فإذا ظهر أنه لا ذنب لها، كان أعظم في البلية وظهور الحجة على قاتلها. والله أعلم. وقرئ {قتلت} بالتشديد، وفيه دليل بين على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بذنب. قوله تعالى {وإذا الصحف نشرت} أي فتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تطوي بالموت، وتنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته، فيعلم ما فيها، فيقول {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [الكهف: 49]. وروى مرثد بن وداعة قال: إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده {في جنة عالية} [الحاقة: 22] إلى قوله {الأيام الخالية} [الحاقة: 24] وتقع صحيفة الكافر في يده {في سموم وحميم} إلى قوله {ولا كريم} [الواقعة: 42]. وروي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة) فقلت: يا رسول الله فكيف بالنساء؟ قال: (شغل الناس يا أم سلمة). قلت: وما شغلهم؟ قال: (نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل). وقد مضى في سورة الإسراء قول أبي الثوار العدوي: هما نشرتان وطية، أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، حتى إذا بعثت نشرت {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء: 14]. وقال مقاتل: إذا مات المرء طويت صحيفة عمله، فإذا كان يوم القيامة نشرت. وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال: إليك يساق الأمر يا ابن آدم. وقرأ نافع وابن عام وعاصم وأبو عمرو {نشرت} مخففة، على نشرت مرة واحدة، لقيام الحجة. الباقون بالتشديد، على تكرار النشر، للمبالغة في تقريع العاصي، وتبشير المطيع. وقيل: لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه. قوله تعالى {وإذا السماء كشطت} الكشط: قلع عن شدة التزاق؛ فالسماء تكشط كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره والقشط: لغة فيه. وفي قراءة عبدالله {وإذا السماء قشطت} وكشطت البعير كشطا: نزعت جلده ولا يقال سلخته؛ لأن العرب لا تقول في البعير إلا كشطته أو جلدته، وانكشط: أي ذهب؛ فالسماء تنزع من مكانها كما ينزع الغطاء عن الشيء. وقيل: تطوى كما قال تعالى {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} [الأنبياء: 104] فكأن المعنى: قلعت فطويت.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير