تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(عليك بالحزم في جميع الأمور، ومعلومك أننا في آخر زمان ولقد أصبح الشح مطاعا والهوى متبعاً، وأعجب كل ذي رأي برأيه، فبموجب هذا يخشى من التغيير والتغير؛

قال الله سبحانه في محكم كتابه:

{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} وزبدة الحياة قائمة على قواعد الأولى ما ذكرناه أعلاه).

ثالثاً:

اعتماد الحاكم على مساعدين مرتزقة.

ويبيّن "

ابن خلدون " حينما ينعم الحاكم في أي دولة بالترف والنعمة، تلك الأمور تستقطب إليه ثلة من المرتزقين والوصوليين الذين يحجبونه عن الشعب، ويحجبون الشعب عنه، فيصلون له من الأخبار أكذبها، ويصدون عنه الأخبار الصادقة التي يعاني منه الشعب.

وتقوم هذه الفئة المرتزقة "

السوس " بنخر أركان الدولة، فتقوم بتخويف الحاكم من شعبه والمخلصين بزرع الشائعات والوشايات عنهم، وتقوم بتجميع مثيلاتها وتزيين صورتها عند الحاكم، فيصبح الحاكم يروى بعيونهم، ويسمع بآذانهم، فيتم بذلك عزله كلياً (روحياً – وشعبياً – وسياسياً) عن شعبه.

وإذا نجحت هذه الفئة "

السوس " في خلق القطيعة والانفصال بين الحاكم والشعب، فإن الحاكم سوف يضطر لاستخدامهم والتحالف معهم ضد شعبه عندما تستفحل كراهية هذا الشعب له.

يقول "

ابن خلدون " حاكياً حال هذا الحاكم: ولأجل من شعبه من السيطرة على الحكم، فهو يخص مواليه بمزيد التكرمة والإيثار، ويقسم لهم مثل ما يكثر من قومه، ويقلدهم جليل الأعمال.

و"

ابن خلدون " هنا يعلن أن هذا الحال إذا ظهر في دولة ما، فإنه إعلان بتدمير الدولة وانحلالها السريع.

وما توصل إليه "

ابن خلدون " وافقه عليه " الملك عبد العزيز " حيث يقول مخاطباً ابنه وولي عهده:

روى بعض الأدباء عن انحطاط دولة بني العباس فقال أحدهم للآخر: أنهم قربوا أعداءهم تأليفا لهم، وأبعدوا أصدقاءهم وثوقا بهم، وخزنوا المال، وأهملوا الجند، وتركوا حقوق الناس، فلما وقع الأمر، وأدلهم الخطب، وثب عليهم عدوهم، وتباعد عنهم صديقهم، وصار الجند في ضعف، ولم ينفع المال لفوات الفرصة.

ويجب الحزم في مواقف أهمها: تقريب المتقدمين من جميع الأصناف سواء منهم من كان قريبا أو بعيداً، وأخذ خواطرهم، وعدم تركهم سدى وإبعادهم بزلة بسيطة لا تلحق بالدين ولا بالولاية، وأن يتألف من كان من الرعية على قدر عقله، ويجلب خيره ويدفع شره.

ثم بعد ذلك تفهم أن كل شيء له حامية ومرجع، ومرجع المسلمين وحماتهم دينهم وعلماؤهم، فالعلماء كالنجوم، زينة للسماء، وقدوة للسايرن، ورجوم للشياطين.

ثم بعد ذلك عليك النظر في أقوال الناس وأهوائهم وآرائهم، والتثبت في ذلك كما قال الله تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}

فالتأني في تبين أمور الناس والتفكير فيه وعدم العجلة به يظهر الحقيقة ويحل المشكل).

رابعاً:

الاستبداد من قبل الحاكم والمقربين منه.

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً}.

"يبيّن "

ابن خلدون " أنه بسبب اعتماد الحاكم على الفئة المرتزقة، وبسبب انهماكه في الترف، فباستطاعة هذه الفئة التصرف بأمور الدولة كما تشاء، ونسبة قبائح الأمور للحاكم ذاته، فتسوء سمعته عند شعبه، ومع ازدياد فقر وحرمان الشعوب المطحونة، في مقابل ازدياد الترف والبذخ لهؤلاء المرتزقة، يزايد هؤلاء ويتاجرون باسم الحاكم، ويروجون بين الناس صفاته وأوصافه وأمجاده، خادعين بذلك الحاكم، ودافعين الشعوب للثورة والانتقام، وتنعكس العلاقة بين الحاكم والشعب إلى علاقة خوف وتوجس!

يقول "

ابن خلدون ": يقلب الحاكم توجسه وغيرته من شعبه إلى خوف على ملكه، فيأخذهم بالقتل والإهانة.

قال "

الملك عبد العزيز " في وصيته لابنه:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير