تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه .. ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا و كذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، و إلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا، و جاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى ... فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور و توسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه و إلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا.و جاء يمشي إلى الملك ... فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى ... فقال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو؟ .. قال تجمع الناس في صعيد واحد و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ... فجمع الناس في صعيد واحد و صلبه ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: بسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات .... فقال الناس آمنا برب الغلام .. فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت و أضرم فيها النيران و قال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه ففعلوا حتى جاءت امرأة و معها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق)) رواه الإمام مسلم كتاب الزهد و الرقائق باب قصة الغلام و رواه الإمام أحمد في باقي مسند الأبصار و رواه الإمام الترمذي في باب سورة البروج. فهذا الحديث و إن كان يحمل في جوانبه رقائق و زهد، فإنه يحمل في ثناياه معان عظيمة، و فوائد جليلة و أفكار بناءة، و هذا ليس بعيداً عن الحديث النبوي الجليل، فقد أوتي صلى الله عليه و سلم جوامع الكلم و كان الفقهاء يستنبطون من الحديث الواحد فوائد فقهية و تربوية ... جمة ....

و لو رحنا نتعمق في هذا الحديث كلمة كلمة و فقرة فقرة، لتبين لنا أن هذا الحديث من الأحاديث المهمة في التربية و التطور و الثقة بالله ... و تصحيح بعض المفاهيم.فمن هذه الفوائد هذه الباقة العطرة: 1 - الفائدة الأولى: فأما الفائدة الأولى من هذا الحديث، فإن بطل هذه القصة المثيرة هو غلام و هذا الغلام هو الذي أجرى الله على يديه على الأحداث السابقة الواردة في الحديث النبوي الشريف ... و هذا يجعلنا، بل يثير انتباهنا كي نهتم بالأطفال أبلغ اهتمام، يقول الرافعي رحمه الله (إن الفج اليوم هو الناضج غداً). فالأطفال اليوم و إن كانوا أطفالاً، فهم في الغد رجال، سيحملون ما يحملون من أفكار ... و ربما مجدد العصر يكون بين هذه الأطفال. إن علاقتنا مع أطفالنا علاقة عضوية فقط، علاقة طعام و شراب و نسب .. أما علاقة التربية فهي منقطعة فالتربية هي: عملية بناء الطفل شيئاً فشيئاً إلى حد التمام و الكمال. و التربية مأمور بها الإنسان المسلم لأولاده: ((قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة)) ((ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوذانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) الفائدة الثانية: أما الفائدة الثانية من الحديث فتستشفها من قول الراهب " أي بني أنت اليوم أفضل مني " هذه هي النقطة الفاصلة التي لم نستطع حتى الآن و منذ قرون أن نتجاوزها و هي اعتراف الأستاذ بأن تلميذه أصبح أفضل منه ..

و حتى الآن لم نسمع – إلا نادراً – أن أستاذاً مدح تلميذه و قرظه و هذا الأمر": إن يكن غريباً بعض الشيء " إلا أنه يحمل فيه معنيين هامين: 1 - تواضع العالم الأستاذ 2 - إن المجتمع لن يتقدم و لن يتحسن حاله، إذا بقي التلميذ مثل أستاذه يقلده في كل شيء. إن أحسن أحواله أن يصبح مثل أستاذه يقلده في كل شيء. إن أحسن أحواله أن يصبح مثل أستاذه نسخة ثانية عنه فيشرح متونه و يختصر شروحه .. يقول الشيخ محمد علي الطنطاوي رحمه الله: " إن سبب الركود العلمي في بلاد الشام في القرن الماضي هو فقدان التشجيع " و أي تشجيع أعظم من أن يمدح الأستاذ تلميذه و يعترف بجهوده. ولقد كانت إحدى وسائل التشجيع عند النبي عليه السلام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير