تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع الفارق الجنوني في العدة والعتاد .. لم نسمع أحداً من إخواننا الكتاب يصف هذه المواقف السعوديّة بالجنون والتهوّر واستفزاز الخصمِ القويّ!

وفي قلبِ القاهرة ينتصبُ شامخاً (نصب الجندي المجهول)، لقد أقيم هذا البناء (تكريماً) للشهداء الذين قضوا في حرب الاستنزاف!! لقد كانوا أبطالاً إذن ولم يكونوا حمقى ولا متهورين!! وأكثر من هذا أنك ترى التاريخ المصريّ يتغنّى ببطولات المصريين الذين واجهوا الاستعمار الفرنسي بأسلحةٍ بدائيةٍ بعضُها السيوف والسكاكين!! [اقرؤوا سيرة عمر مكرم]، كانوا أبطالاً إذن ولم يكونوا مستفزّين لدولة عظمى!!

التاريخ السوري يتغنى بمعارك الأبطال مع فرنسا، والتاريخ الجزائري يفخر بالمليون شهيد في الحرب مع الاستعمار، والتاريخ الليبي يكاد (يقدّس) عمر المختار الذي واجه جبروت إيطاليا بخيلٍ وبندقية!! وقس على هذا كل دول العالم العربي .. كل الأنظمة العربية اليوم تفخر بنضال شعوبها وتحتفل بيومها الوطني .. ألم يكن ذلك النضال غير متكافئ الأطراف؟ ألم يسقط فيه الضحايا؟ ألم تحصل بسببه الكوارث؟ فلماذا كان بطولةً في كل تلك الأماكن وكان حماقةً وتهوراً في فلسطين؟ هل يجيبني أحد أولئك الذين يتهمون صواريخ المقاومة؟

القضية هنا ...

إن القضية ليست في (صواريخ) تطلقها المقاومة، بل المشكلة عند إسرائيل هي في المقاومة ذاتها، إنها لا تريد أن يوجد شخص واحدٌ يؤمن بخيار المقاومة ولو بعد مرحلةٍ من السياسةِ والمرونة، تريد الجميع أن يكونوا مستسلمين مدجّنين .. ولعلها بعد ذلك ألا ترضى أيضاً! لأنها في النهاية تريد دولة يهودية خالصةً!! ولعلنا نتذكر تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية مؤخراً حول أحلامها بدولةٍ يهوديةٍ نقيةٍ!! مما يعني طرد عرب 48 .. هؤلاء الذين ماحملوا سلاحاً ولا أطلقوا صاروخاً واحداً!!!

إنه من المحزن حقا أن نجد كاتباً يهودياً يتفهم هذه الحقيقة بينما يجهلها أو يتجاهلها بعضنا، يقول كاسريلز وزير المخابرات في جنوب أفريقيا (وهو يهودي معاد للصهيونية): " كان هدف الصهيونية منذ البداية هو طرد المواطنين الأصليين حتى تصبح الدولة دولة يهودية خالصة. وعندما أدرك الفلسطينيون هذا بدأوا في المقاومة" إنه يفهم جيداً أن المقاومة حالة طبيعية تُجاه مستعمر يريد طرد السكان الأصليين. ثم يقول: "هذا هو السبب الرئيسي للصراع، من وجهة نظر الكثيرين".

[ http://www.elmessiri.com/articles_view.ph?id=35]

هكذا يفهم هذا اليهوديّ أن علة الصراع هي العدوان الإسرائيلي ابتداءً، ويصرّ طائفةٌ من بني قومنا على أن المشكلة كلها هي في صواريخ المقاومة!!!

حكاية التوازن ...

وأحسبُ أنَّ الشعوب المستعمَرَةَ والمضطهَدَة لو أخذتْ بنصيحةِ هؤلاء (الواقعيين) القاضية بضرورة توازن القوى وعدم المقاومة إلا عند تكافؤ العَدد والعُدد لبقيت إلى اليوم مستعمرةً مستنزفةً خانعةً.

أخبرني عن حالة تحررية واحدةٍ في العصر الحديث أو القديم كان فيها (المقاوِمُ) أقوى من المحتل أو حتى في مثل قوتِهِ!

أين حصل مثل هذا؟ في فيتنام؟ في جنوب أفريقيا؟ في الهند؟ في مجمل الدول العربية؟ في فرنسا إبان حربها مع النازيين؟ أين؟!!

كل تلك الحالات التحررية التي انتهت إلى استقلالٍ وردّ اعتبارٍ كانت كحالةِ فلسطين اليوم تماماً .. مقاومة أضعفُ عدداً وعدةً بكثير لكنها تملك إيماناً وعدالة قضية لا يمتلكهما المحتل المدجج بالسلاح، "ولم تكن المقاومة في يوم من الأيام مماثلة أو قريبة في قوتها من عدوها بل كانت أضعف منه وهي من يُقدّم الشُهداء، ولكنها تنطلق من توازن الرعب الذي يُجرد المحتل من القدرة على استقراره ويفرض عليه برنامجا مضطرباً من خلال الآلة المقاومة الأضعف هكذا حتى يهتز الاحتلال ويندحر" [محرقة غزة بغطاء عربي، مهنا الحبيل: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/300BF42D-977B-4B26-AE41-709D207AB00C.htm ] .

وبعد هذا كله .. فإنَّ المقاومة التي انتقلت من مرحلة الحجارة إلى مرحلة الصواريخ، والتي بدأت صواريخها ببضعةِ كيلومترات ثم وصلت إلى أسدود وسديروت، هذه المقاومة قادرة بإذن الله على مزيد من التطوير وتقليل الفارق يوماً بعد يومٍ.

ختاماً ...

إذا كانت العقلانية تعني أن يصبح الضحية مجرماً، والمظلوم ظالماً، فلا بارك الله فيها!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير