أي أن الله سبحانه وتعالى كان يعلم بأن هناك وسائل ومستجدات أخرى سوف تظهر وتتطور، فالتطور في الوسائل أمر وارد بل ومهم؛ فلا مانع أن يكون هناك وسائل متعددة بل إن هذا التعدد والتحديث في وسائل الدعوة نعمة من الله عز وجل.
لكن مع استخدام هذه الوسائل الحديثة لابد من مراعاة الضوابط الشرعية؛ ومنها على سبيل المثال:-
1 - يجب إلا تستخدم مثل هذه الوسائل في خلق معلومات أو أخبار أو عظات أو نصائح غير صحيحة ومضللة، وهذا أمر يتطلب الصدق الكامل بين الراسل والمرسل إليه.
2 - يجب على المتلقي ألا يتأول ما يتلقاه بما لا يحمل من معنى.
3 - كما لابد ان تكون الرسالة واضحة فلا تحمل ألغازا أو عموميات لان معظم المشكلات الدعوية تنجم عن الإجمال.
4 - وفوق كل ذلك لابد ان يكون الشخص القائم على هذا العمل ملم بكل ما يتعلق بما يرسله ويقدمه الى الناس؛ فالكلمة أمانة متبادلة بين الطرفين، ونحن كمبلغين لابد أن نبلغها، وكمستمعين يجب أن نتلقاها ونتقنها.
وحول ضرورة وجود ضوابط خاصة عندما يتعامل الرجل مع المرأة؛ قال الدكتور السيلي الضوابط مطلوبة في كل الأمور، وفى هذا الحالة لابد من التشديد عليها، ومن بين هذه الضوابط:- كون الحديث لحاجة يعتبرها الشرع ويشترط فيه أن يكون جادًا خاليًا تمامًا من الهزل , ولابد أن يستشعر الطرفان رقابة الله عز وجل عليهما , كما يجب على كل منهما أن يكون منضبطًا في ألفاظه؛ فالألفاظ التي تتسم بالمباسطة والمزاح والهزل تؤدى عادة الى مشاكل، ومن ثم لابد من الالتزام بالآداب العامة للإسلام، ومجموعة القيم والخلق والثوابت التي هي أساسيات الحوار بين الطرفين , كذلك يجب تجنب الكلام الذي يدغدغ المشاعر أو الذي يثير العواطف.
ويتفق مع الشيخ السيلي فيما ذهب إليه، فضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية، ويضيف أن: أساليب الدعوة إلى الله ليست توقيفية؛ وإنما تدور في فلك الموازنة، بين المصالح والمفاسد؛ فإذا كانت الوسيلة مصلحتها ظاهرة ومفسدتها مغمورة فهي شرعية من حيث المبدأ.
ويستدرك الدكتور الصاوي قائلًا: إلا أنه لابد من وضع ضوابط لحماية هذه الوسيلة الشرعية من الخروج عن أهدافها المشروعة، والتي يمكن أن يكون من بينها على سبيل المثال:-
1 - أن يكون الحوار بين الطرفين- خاصة إذا كان بين رجل وامرأة- جادًا ولحاجة.
2 - وأن تؤمن فيه الريبة.
3 - وألا يتم بالخروج على العرف العام المتعارف عليه في الخطاب الدعوي الشرعي
ويختتم حديثه قائلًا: أما إذا كان في الحوار خروجًا على الآداب الشرعية، وكانت فيه ريبة، فيوقف على الفور درأ للفتن، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة.
ويؤيد كلا من الصاوي والسيلي فيما ذهبا إليه؛ فضيلة الشيخ الدكتور طلعت عفيفي؛ العميد السابق لكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، ويضيف: أن أي وسيلة تفيد الدعوة وتفقه الناس في دينهم هي وسيلة مشروعة، شريطة أن تحقق الغاية النبيلة المخطط لها، أما إذا صاحبها مخالفة شرعية فإنها تحرم في هذه الحالة، ولكنها لا تحرم على عموميتها بل يجب أن يقال إن هذه الحالة خطأ.
ويقول الدكتور عفيفي: إن فكرة المنتديات لا بأس من استخدامها كوسيلة دعوية، شريطة مراعاة الضوابط الشرعية التي يؤتى في مقدمتها، ضرورة ألا يتطرق الحديث بين الطرفين "الرجل والمرأة" لأكثر من المطلوب، كما يجب عليهما أن يشعرا بمراقبة الله لهما؛ فالوسائل لها حكم الغايات، إذا كانت الغاية أن ييسر للإنسان الحصول على المعلومة الدينية لمن يريد التفقه أو الاستيضاح.
وينتهي عفيفي إلى القول بأن: المنتديات وسيلة دعوية مشروعة، بل إنها محببة، خاصة في هذا العصر؛ الذي تتطور فيه التقنيات بسرعة كبيرة، لكن إذا شاب الوسيلة خروج عن الشرع فيكون في هذه الحالة تحديدًا مخالفة، ويجب التوقف وتصحيح الخطأ وغلق الباب.
ويؤكد الدكتور مصعب الخير الإدريسي، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية المساعد بكلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد- باكستان: أنه لا يرى "فرقا حقيقيا بين الضوابط الشرعية المتعلقة باللقاء المباشر والضوابط المتعلقة بالمحادثة والتشات عبر المنتديات وغيرها من وسائل الاتصالات الحديثة- إذا تجاوزنا ما يتعلق بالنظر وما يترتب عليه- فالضوابط هي الضوابط".
¥