[فيروز و الملك]
ـ[ياسين الساري]ــــــــ[09 - 10 - 2009, 10:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إليكم إخوتي بعض ما روي وأعجبني من قصص عسى ان تكن في مضمونها ما ينتفع به ويستفاد:
حكي ان بعض الملوك طلع يوما الى اعلى قصره يتفرج, فلاحت منه التفاتة, فرأى امرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير الراؤن أحسن منها, فالتفت الى بعض جواريه, فقال لها: لمنْ هذه؟
فقالت: يا مولاي هذه زوجة غلامك فيروز،
قال فنزل الملك وقد خامره حبها, وشغف بها, فاستدعى بفيروز،
وقال له: يا فيروز
قال: لبيك يا مولاي
قال: خذ هذا الكتاب وامض به الى البلد الفلانية, وائتني بالجواب,
فأخذ فيروز الكتاب وتوجه الى منزله فوضع الكتاب تحت رأسه وجهز امره وبات ليلته , فلما أصبح ودع اهله وسار طالبا لحاجة الملك, ولم يعلم بما قد دبره الملك , وأما الملك فإنه لما توجه فيروز قام مسرعا وتوجه متخفيا إالى دار فيروز, فقرع الباب قرعا خفيفا, فقالت امرأة فيروز: من بالباب؟
قال: أنا الملك سيد زوجك, ففتحت له فدخل وجلس,
فقالت له: ارى مولانا اليوم عندنا
فقال: زائر
فقالت: أعوذ بالله من هذه الزيارة, وما أظن فيها خيرا
فقال لها: ويحك انني الملك سيد زوجك, وما اظنك عرفتني
فقالت: بل عرفتك يا مولاي، ولقد علمت أنك الملك , ولكن سبقك الأوائل في قولهم:
سأترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه
إذا سقط الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الاسود ورود ماء ... إذا كان الكلاب ولغن فيه
ويرتجع الكريم خميص بطن ... ولا يرضى مساهمة السفيه
وما احسن يا مولاي قول الشاعر:
قل للذي شفّه الغرام بنا ... وصاحب الغدر غير مصحوب
و الله لا قال قائل أبدا ... قد أكل الليث فضلة الذيب
ثم قالت: أيها الملك تأتي الى موضع شرب كلبك تشرب منه؟
فاستحيا الملك من كلامها وخرج وتركها فنسي نعله في الدار, هذا ما كان من الملك.
أما ما كان من امر فيروز،
فإنه لما خرج وسار تفقد الكتاب فلم يجده معه في رأسه، فتذكر انه نسيه تحت فراشه, فرجع الى داره فوافق وصوله عقب خروج الملك من داره, فوجد نعل الملك في الدار, فطاش عقله , وعلم ان الملك لم يرسله في هذه السفرة الا لامر يفعله , فسكت ولم يبد كلاما واخذ الكتاب وسار الى حاجة الملك فقضاها ثم عاد اليه، فأنعم عليع بمائة دينار، فمضى فيروز الى السوق، واشترى ما يليق بالنساء, وهيأ هدية حسنة وأتى الى زوجته, فسلم عليها، وقال لها:
قومي الى زيارة بيت ابيك، قالت: وما ذاك؟ قال: إن الملك انعم علينا و اريد أن تظهري لأهلك ذلك، قالت:حبا وكرامة، ثم قامت من ساعتها وتوجهت الى بيت ابيها ففرحوا بها وبما جاءت به معها فأقامت عند اهلها شهر فلم يذكرها زوجها ولا ألم بها، فأتى اليه أخوها وقال له: يا فيروز إما ان تخبرنا بسبب غضبك، وإما أن تحاكمنا الى الملك, فقال: إن شئتم الحكم , ففعلوا, فما تركت لها عليّ حقا, فطلبوه الى الحكم ,فأتى معهم وكان القاضي إذ ذاك عند الملك جالسا الى جانبه, فقال اخو الصبية:
أيد الله مولانا قاضي القضاة إني أجرت هذا الغلام بستانا سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة وأشجار مثمرة فأكل ثمره وهدم حيطانه وأخرب بئره. فالتفت القاضي الى فيروز , وقال له: ما تقول يا غلام؟
فقال فيروز: أيها القاضي قذ تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن ما كان ,
فقال القاضي: هل سلم إليك البستان كما كان؟
قال: نعم. ولكن أريد منه السبب لرده.
قال القاضي: ما قولك؟ قال: والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه , وإنما جئت يوما من الايام فوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراما للأسد.
وكان الملك متكئا فاستوى جالسا , وقال: يا فيروز ارجع الى بستانك آمنا مطمئنا , فوالله إن الاسد دخل البستان ولم يؤثر فيه اثرا ولا التمس منه ورقا ولا ثمرا ولا شيئا ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة و خرج من غير بأس
ووالله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد احترازا من حيطانه على شجره.
فرجع فيروز الى داره ورد زوجته ولم يعلم القاضي ولا غيره بشئ من ذلك ..... والله أعلم
من كتاب المستطرف للابشيهي
وساتي بالمزيد لمن يريد
ـ[زهرة النرجس]ــــــــ[10 - 10 - 2009, 03:07 ص]ـ
تعجبني حذاقتهم
ويعجبني اختيارك
استمعت كثيرا بقراءتها ... موفق كان اختيارك
نعم ليتك أخي تأتي بالمزيد فأنا تروق لي أشباه ما وضعت
وفقك الله ووفقنا لما يحبه ويرضاه
ـ[ياسين الساري]ــــــــ[10 - 10 - 2009, 11:28 ص]ـ
تعجبني حذاقتهم
ويعجبني اختيارك
استمعت كثيرا بقراءتها ... موفق كان اختيارك
نعم ليتك أخي تأتي بالمزيد فأنا تروق لي أشباه ما وضعت
وفقك الله ووفقنا لما يحبه ويرضاه
أشكرك اخيتي وجزاكِ الله خيرا لمرورك الكريم وأبداء رأيكِ من خلاله
وأنا عند حسن ضنكم إن شاء الله
ـ[ياسين الساري]ــــــــ[11 - 10 - 2009, 07:32 م]ـ
ومما حكي:
أن امرأة دخلت على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه اصحابه ,
فقالت: يا أمير المؤمنين أقر الله عينك , وفرحك بما آتاك , وأتم سعدك , لفد حكمت فقسطت.
فقال لها: ممن تكون أيتها المرأة؟
فقالت: أنا من آل برمك ممن قتلت رجالهم , وأخذت اموالهم , وسلبت نوالهم.
فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله , ونفذ فيهم قدره , وأما المال فمردود إليكِ.ثم التفت الى الحاضرين من أصحابه , فقال: أتدرون ما قالت هذه المراة؟
فقالوا: ما نراها قالت إلا خيرا.قال: ما اظنكم فهمتم ذلك.
أما قولها أقر الله عينك , أي اسكنها عن الحركة ,وإذا سكنت العين عن الحركة عميت.
وأما قولها وفرحك بما آتاك , فأخذته من قوله تعالى:" حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أوتُوا أخَذْنَاهُمْ بَغْتَة ً ".
وأما قولها وأتم الله سعدك , فأخذته من قول الشاعر:
إذا تم امر بدا نقصه *****ترقب زوالا اذا قيل تمّ.
وأما قولها لقد حكمت فقسطت , فأخذته من قوله تعالى: "وأمَّا القَاسِطُونَ فَكَانوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً "
فتعجبوا من ذلك.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.