[القرآن والبرهان]
ـ[عبدالله الزنتاني]ــــــــ[21 - 11 - 2009, 06:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على خاتم الأنبياء والمرسلين،،،
وبعد،،،،
فهذا بحث بعنوان (التفريق بين كلمة القرآن وكلمة البرهان في كتاب الله الحكيم)
قال الله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]
وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً) [النساء: 174]
لقد سبق في بحث التفريق بين الإرادة و المشيئة أن شرحنا هذه الآيات في قوله تعالى (وَكذلكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ)
و قوله تعالى (لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)
وقلنا بأن الآيات البينات هي الدليل القطعي الذي يثبت صدق الرسالة والرسول بدون أدنا شك و معجز ليس في قدرة احد من العباد فعل مثله، لمن يريد من العباد الهداية.
والآيات المبينات هي الواضحات و الموضحات بتطبيق الرسول عليه الصلاة والسلام لها لمن يشاء من العباد تطبيق الفعل في إتباع المنهج الرباني، ويعنى أن نفس الآية تحمل الصفتين بينة الدلالة و مبينة للفعل هدى.
وسوف نوضح في هذا البحث ان شاء الله كيف تنقسم إلى قسمين في كتاب الله اذا جاءت البينات متقدمة على المبينات و إذا جاءت المبينات متقدمة على البينات و ماذا يطلق عليهما.
أولا:ـ مبينات بينات:ـ و تعنى آيات مبينات هدى و بينات من الهدى نستدل بها على صحة تطبيقنا للأمر في كتاب الله و نفرق بها بين الحق و الباطل كما في قول الله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) أي أن آياته هدى ونفسها بينات وسمي بهذا الاسم قرآن لأن آياته مقرونة (هدى و نفسها بينات مجتمعة في آية واحدة) و في سورة الحجر فرق الله سبحانه وتعالى بين القرآن و السبع المثاني في قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر: 87] (لماذا؟) لأن السبع المثاني كما فسرها رسول الله بسورة الفاتحة إنها آيات بينات و لا تتضمن المبينات ولا توجد فيها صفة الهدى إنما هي تحتوى على (تناء و دعاء) وهى من كتاب الله الموحى به إلى رسوله، هذا من حيث تعريف كلمة (قرآن) هدى وبينات من الهدى.
ثانيا:ـ بينات مبينات:ـ و يعنى آيات بينات و هدى من البينات إذا كانت أية بينة و كانت نفسها مبينة هدى تكون دالة على الفعل يطلق عليها (برهان) كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِينا) ً [النساء: 174] و سَمَّاهُ نُوراً مُبيناً؛ لأن النورَ هو الذي يُبَيِّنُ الأشياءَ حتى تَرَى.
لماذا برهان؟ لأن كتاب الله آياته بينات يعنى أنها دليل معجز ونفسها مبينات يستنار بها على الفعل
إذا جاءت (آية بينة مبينة برهان تستدل به على الفعل) و إذا جاءت (هدى من بينة قرآن تثبت به صحة الفعل).
مثال: رجل مرض في شهر رمضان و افطر يومين ثم شفي من المرض و أعاد صيام اليومين.
ثم نطرح عليه سؤال ما دليلك على صحة فعلك؟ فإنه سيقول الدليل قوله تعالى { ... فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ... } هذه مبينات (هدى) استدل عليه بالبينات (مطابقة الفعل بالبينات).
هذا من حيث أن القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان تفرق به بين الحق و الباطل و يعنى انه أثبت صحة الفعل الهدى بالبينات.
¥