[لقاء مع عنترة بن شدادالعبسي]
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[08 - 11 - 2009, 10:55 ص]ـ
يقول عنك النقاد: بأنك من شعراء الجاهلية الذين يجيدون التصويرالفني
والغوص على المعاني. فماقولك؟
قبل أن أجيبك ألاترى أنّ من تسميهم نقادًا قد ظلمونا حين سمواعصرنا العصر ا
لجاهلي. فليت أحدهم عاش بيننا ورأى ما نتعا مل به فيما بيننا من القيم
النبيلة, والمنصف من نقادكم يستطيع أن يقرأ أشعارأخواني من الشعراء الذين
عاشوا معي أوسبقوني. فسيجد فيها مايغنيه من هذه القيم.
عفوًاأيها الفارس فهم يقصدون جاهلية المعتقدوالعبادة؛ فلكل قبيلة منكم صنم تعبده
وتلجأإليه. نعم نعم هذاصحيح.
وأمّا قولهم عن قدرتي على التصويرفسأ حيلك على صورةواحدةلعلها تكون
دليلاعلى رأيهم عني. وهذه حين قلت واصفًا ما آلت إليه د يار عبلة بعد رحيلهم
عنها حيث قلت:
وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ
شاعرنا المغوار هل لك أن توضح لنا جمال هذه الصورة؟
الصورة الجمالية هنا هي قدرتي التصويرية الفائقة حيث وصفت لكم طرب
الذباب حين تفردها في ديار عبلة فهي في حال من الهزج والمرح،وتكمن
قدرةتي في غوصي على تشبيه حركة ذراعي الذباب بحركةذراعي رجل أجذم
(أي مقطوع اليدين) وهذا الرجل يحاول أن يوري نارًامن زناده بأطراف
ذراعيه وهو منكفئٌ على نفسه واضعًا رأسه بين ركبتيه؛ حتى لاتعبث الريح
بشرارته. فالصورة المرسومة لحركة طرب الذبابةوهويحك إحدى ذراعيه
بلأخرى هي صورة لرجل مقطوع اليدين يحاول إيقاد زناده. فلو نظرنا إلى ذبابة في حال هزج.فمن أصدق ماتوصف به هوهذه الصورة.
أحسنت أيها الفارس.
السائل:
ما دام الحديث عن عبلة فصف لنا كيف يقضي كلٌ منكما ليله.
عنترة: لعل في البيت الآتي مايكون جوابًا لسؤالك:
تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ
هلا زدتنا إيضاحًا أبالمغلٍس:
حبًا وكرامة. أشرح لك الألفاظ أولاثم أبين المعنى. حشيّة: هي كل ماحُشي بقطن
أوصوف فتكون فراشًا أووسادة.سراة:هي أعلى ظهرالحصان. أدهم اسم
للجواد. ملجم اللجام هي الحديدة التي نضعها فم الفرس.
فهي تقضي نهارها وليها في ترف وتنعم وأنا أقضيهما في كروفروأسفار.
السائل: ماردُ فارسنا على من يتهمونه بالعنف وشهوة القتل. مستدلين على هذا بقولك؟:
وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَها قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ
وقولك:
وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ
عنترة:خطأمن يقول بهذا الرأي أنّهم قرءواالبيت معزلاعن سابقه. فالبيت الأول قلت قبله:
لَمّا رَأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم يَتَذامَرونَ كَرَرتُ غَيرَ مُذَمَّمِقلت قبله:
فماذايريدمني أصحابك بعدما رأيت جموع الأعداءمقبلة علينا.!؟
وأما البيت الثاني فقد قلت بعده:
الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُما وَالناذِرَينِ إِذا لَم اَلقَهُما دَمي.
فهما اللذان بدآالشر.
عنترة: لكن قل لي: هل أدرك نقادكم مقصودي عندما قلت: [لم ألقهما]
ا
لسائل: لاايها الشجاع. لم نفهم مقصودك.
عنترة: لقد قلت هذالأبين جبنهما وأنّهما يتحدثان عن عزمهما على قتلي إذالم
أكن حاضرًافهما يقولانه بغيابي ويجبنان عن قوله أمامي.
ا
لسائل: أرى أني اثقلت عليك كثيرًا لهذاسأطّري الحديث بعودته إلى عبلة لعل
في العودة تنشيطًا لك.
ألاترى أنّك قدأرعتهاوأخفتها عندما خاطبتها قائلاً.
إِ
ن تُغدِفي دوني القِناعَ فَإِنَّني طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ.
فكيف تخاطبها بهذا مع ماهي عليه من رقة ونعومة!؟
عنترة.
لهذاالبيت قصة متخيلة لعلها تزيل ما حصل من لبس.
السائل:تفضل بذكرها على التفصيل فحديثك لايمل.
عنترة:كنت أسيرراعيًاأبل قومي فمررت بها وهي في المرعى فلمارأتني
أرخت القناع على وجههاوكنت أتحين رؤيته. فهاجت نفس الفارس بهذاالبيت.
والقول بهذاالأسلوب هوممايعبرعنه نقادكم بتأثيرالحالة الشعورية. أي أن القول
يكون معبرًاعن حال القائل. من غضب أوفرح؛ وأنا قلت هذافي حال غضب؛
فأنا كماذكرت لك كنت أتحين النظرإليهافلماأغدفت أي أرخت القناع وغطت
وجهها ثارت ثائرتي.
قلت في معلقتك: [لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ] فهل تعلم أنّ هذا الشطرجرى بيننا مجرى المثل.؟
عنترة: يتحفزوتظهرعليه علامات الرضى ويقول وهويبتسم: كيف كيف؟ ثم
يضع يديه من خلفه ويتكأعليهما مستحثًاالإجابة.
أيها الفارس: نحن نقول هذا الجملة عندما نرى شريفًا وقع عليه من العامة
مايسيء إليه. فمنا من يقولها تعزية ومنامن يقولهاشماتة.
تنقطع المقابلة فجأة بعدأن سمع الفارس وقع الخيل وقدكادت أن تحيط بنا فيسرع
إلى صهوة جوده من غيرأن يودعنا. وكنا سنترسل معه في أبيات من غيرالمعلقة.
¥