تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من دلائل نبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم]

ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 10 - 2009, 05:42 م]ـ

يقول ابن القيم رحمه الله:

"وقال محمد بن سعد: أخبرنا علي بن محمد عن أبي عبيدة بن عبد الله وعبد الله بن محمد بن عمار بن ياسر وغيره، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: سكن يهودي بمكة يبيع بها تجارات، فلما كانت ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من مجالس قريش: هل كان فيكم من مولود هذه الليلة؟، قالوا: لا نعلمه، قال: انظروا يا معشر قريش، واحصوا ما أقول لكم، ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة أحمد، وبه شامة بين كتفيه فيها شعرات. فتصدع القوم من مجالسهم وهم يعجبون من حديثه، فلما صاروا في منازلهم ذكروه لأهاليهم فقيل لبعضهم: ولد لعبد الله بن عبد المطلب الليلة غلام وسماه محمداً، فأتوا اليهودي في منزله فقالوا: علمت أنه ولد فينا غلام، فقال: أبعد خبري أم قبله؟، فقالوا: قبله، واسمه أحمد، قال: فاذهبوا بنا إليه، فخرجوا حتى أتوا أمه، فأخرجته إليهم، فرأى الشامة في ظهره، فغشيَ على اليهودي ثم أفاق، فقالوا: مالك، ويلك؟!، فقال: ذهبت النبوة من بني إسرائيل، وخرج الكتاب من أيديهم، فازت العرب بالنبوة، أفرحتم يا معشر قريش؟!، أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق إلى المغرب". اهـ

"هداية الحيارى": ص124، 125.

ففيه استدلال بالمسلك الشخصي، بخاتم النبوة على وجه التعيين، وفيه استدلال بأحوال الرسل عليهم السلام مع قومهم بالظهور عليهم بالحرب أو بعذاب الاستئصال الذي يهلك الله، عز وجل، به أعداء الرسل عليهم السلام.

فقد سطا صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهم ابتداء قبل أن يقهر سيفه طواغيت الأرض، ولو كان كاذبا لأستألفهم ليستنصر بهم على غيرهم، على غرار ما يفعل المتنبئون الكذابون، فليس عندهم إلا وعود السيادة والسلطان الدنيوي الزائف، وتأمل حال مسيلمة الكذاب، وحال قومه إذ كان شعارهم: "كذاب ربيعة خير من صادق مضر"، وانظر إلى حال طليحة بن خويلد الأسدي، رضي الله عنه، زمن ردته، لما حاصرته جند خالد فوثب على فرسه وحمل أهله قائلا: "من استطاع منكم أن يفعل مثل ما فعلت وينجو بأهله فليفعل"، فأين ذلك من ثباته صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم حنين؟!

فطرائق المتنبئين الكذابين بخلاف طرائق الأنبياء الصادقين عليهم السلام فهم على حد حديث عبادة رضي الله عنه: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك".

فمن وفى فأجره على المرسِل، جل وعلا، لا على الرسول إذ ليس له من الملك إلا ما استخلف فيه ليقيم به أمر الشرع الحاكم، فليس لبشر ملك مطلق، إذ ذلك من أخص أوصاف رب البشر، جل وعلا، فمن ادعاه، على ما اطرد من سيرة الطواغيت، فقد نازع الرب، جل وعلا، وصفه!.

وفي "السيرة النبوية" لابن كثير رحمه الله:

"وحدثني، (أي: ابن إسحاق صاحب المغازي رحمه الله)، الزهري أنه أتى بنى عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه.

فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: "الأمر لله يضعه حيث يشاء".

قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك. فأبوا عليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير