تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذي القيم الدينية الذي يستمد أحكامه من الوحي في مقابل ما تستمده أوروبا من أحكام العقل والعقد الاجتماعي الخاضع لأهواء الأفراد حتى صيروا الشذوذ قيمة إنسانية نبيلة جعلت رئيس وزراء كيان يهود يذكر المجتمعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بخطر الأصولية التي تنتهك حقوق المرأة والمثليين، وهو يعني بطبيعة الحال: حقوق ممارسة الفواحش!. فلسان حاله ومقاله: استعداء أمم الأرض المتحضرة على الوحي المنزل، على وزان: (أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)، فأوروبا الآن: تعزل المتطهرين: عزلة فكرية واجتماعية، وربما قررت طردهم في مراحل تالية، وتمنع بناتها من الاختلاط بالمحجبات لئلا ينالهن من طهرهن شيء!.

وفي سياق نقل المعركة إلى أرض العدو: سلطت الأضواء على خبر افتتاح جامعة تقنية تعد أكبر جامعة من نوعها في العالم بلغ الوقف المرصود لأبحاثها 10 مليارات دولار فضلا عن تكاليف إنشائها، وليس في ذلك ما يدعو إلى التوجس، وإنما الذي يدعو إليه: أنها أول جامعة مختلطة في دولة هي بيضة الإسلام، عند التحقيق، فأرضها معدن الرسالة الخاتمة، فهي المرة الأولى التي يسمح فيها بالاختلاط رسميا في إطار محدود بأسوار الجامعة، فضلا عن السماح للنساء بقيادة السيارات في ذلك النطاق الضيق، وربما كان ذلك تمهيدا لتعميم التجربة على بقية شرائح المجتمع، فليس من الحكمة مجابهة المجتمع ذي التقاليد الدينية العريقة بصور فجة، وإنما الأليق: استدراجه رويدا رويدا، باسم التعليم تارة، وباسم التحديث تارة أخرى، ولا يدري الناظر ما الإشكال في جعل هذه الجامعة غير مختلطة، وما علاقة البحث العلمي بالاختلاط؟!، ألا يمكن أن يتم ذلك في أطر غير مختلطة؟!.

والناظر في هذه التجربة، وستكون، والله أعلم، محافظة في أولها مراعاة لمشاعر المجتمع، حتى تهدأ ثائرته، فيستمرئ الأمر، فينتقل إلى المرحلة التالية من تعميم التجربة في قطاعات أخرى مع التقلل من التحفظ شيئا فشيئا، الناظر في هذه التجربة في مباديها، يتذكر على الفور التجربة المصرية العريقة في هذا الباب!، التي استغلت فيها الأوضاع المتردية للمرأة المسلمة في عصور غلب عليها التعصب، استغلت تلك الظروف في تدشين ثورة نسائية ناعمة في أولها: خرجت فيها النساء على حد الاحتشام نسبيا، فزاحمن الرجال مناصبهم وانتهى الأمر إلى حرق الحجاب في ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية!، وكان الجدال أولا: هل النقاب فرض أو سنة يمكن الاستغناء عنه لضمان حرية الحركة للمرأة العاملة، فالخلاف سائغ، ومصلحة المرأة بهجر بيتها والنزول إلى سوق العمل أعظم من مصلحة ستر وجهها!، ثم لم يلبت أن تطور الأمر لما نراه الآن في شوارع القاهرة، وشواطئ البحر الأبيض والأحمر! وإن كان المجتمع المسلم في مصر قد بدأ في الرجوع إلى الله، عز وجل، في خطوات متثاقلة كحال أي دعوة إصلاحية في بدايتها.

فهل على المجتمعات الملتزمة بالتعاليم الإسلامية أن تخوض نفس التجربة المريرة فتسير على نفس الخطى حذو القذة بالقذة، فالمخطط واحد إذ ليس في جعبتهم جديد، حتى تجني ثماره المرة ثم يبدأ البحث عن منهج إصلاحي لما سيسببه ذلك من فساد عريض في مراحله التالية. والوقاية خير من العلاج، و الدفع خير من الرفع كما يقول الفقهاء.

وإلى الله المشتكى.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير