تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويبدو إن كرم الله وحلمه أغرى بعض العلماء الأفاضل بالإعتراض على الشفاعه وهو أمر مثير للدهشه بدوا وكأنهم يعلمون الله أصول الدين.

لكنه سبحانه وتعالى يقول "قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (الحجرات:16).

بل إن الشفاعه لا تنفع فى الآخره فقط وإنما تنفع فى الدنيا أيضاً فصلة الرحم تشفع فى إطالة العمر والصدقه تشفع فى تداوى المريض والزكاه تشفع فى تحسين المال. والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه. هذه كذلك شفاعه. وربما تشفع لنا من سبق وتشفعنا له , فقد تشفع سيدنا موسى لسيدنا هارون ليكون رسولاً ثم إستشفع به فى قوله تعالى " قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وأشركه فى أمرى). (طه من 25: 31) وإستجاب الله لسيدنا موسى فى قوله تعالى:" قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ) (القصص:35)

وقدرة الله تعالى على العفو كقدرته على العقاب بل قدرة الله على العفو دليل قدره أشد. فالعفو عند المقدره النسبيه للبشر فضيله فما بالنا بالعفو عند المقدره الإلهيه المطلقه. والمقدره النسبيه فرق بين قوتين. والمقدره المطلقه فرق بين منتهى القوه واللا قوه فرق بين اللانهايه والصفر.

ولنا أن نتساءل: هل هناك إلزام على الله بالإستجابه للشافعين؟ هل نتكل على أن الأنبياء والأولياء والصالحين والأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ سيشفعون لنا؟؟؟

ما حدود ذلك وغير ذلك إذن الله. وإذنه سبحانه وتعالى شأن من شئونه الخاصه تحكمهُ فيه مطلق وغيب. لذلك فإن الجانب الأكثر أمناً للمؤمن هو فى قوله تعالى: " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " (الأحزاب: من الآية 36) وأمر الشفاعه مما يقضيه الله بإرادته.

ولنا أن نتساءل أيضاً: هل الأمل فى الشفاعة يعيب المؤمن؟ هل هو نقص إيمان؟ والإجابه: إنه من تمام الإيمان. . الإيمان أن يكون أمل المؤمن فى رحمة الله وليس فى عمله. يقول سبحانه وتعالى: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " (غافر: من الآية60) والإستجابه هنا مطلقه لكن لا يجب أن يتوقف عمل المؤمن عند حدود وفى الوقت نفسه لا يستكثر على شىء فإذا دعوناه فكما أمر وإن إستجاب فكما وعد. غير ملزم بذلك فقد جاز سبحانه وتعالى أن يعذب من أطاعه وأن يثيب من عصاه ذلك لأنه لا يسأل عما يفعل ونحن نُسأل. فالمؤمنون المتوكلون هم الذين يتخذون الأسباب ويطلبون الشفاعه ثم يتقبلون النتائج مهما كانت يقول سبحانه وتعالى: " إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً" (النساء:17)

فعلى من تطاول وتعدى حدوده وأنكر أنعم الله عليه أن يتوب وألا يكون من الذين يصرون على الإثم وهم يعلمون.

ولا حول ولا قوة إلا بالله

م ن ق و ل

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير