وقد كان مع اعتزاله: عصبيَّ المزاج لأبي حنيفة ومذهبه! وهو القائل – كما نقله عنه ابن الوزير في «الروض الباسم» [1/ 318/طبعة عالم الفوائد]: «وتَّد الله الأرض بالأعلام المنيفة, كما وطَّد الحنيفيّة بعلوم أبي حنيفة! الأئمة الجِلَّة الحنفية, أزمَّة الملَّة الحنيفيَّة, الجود والحلم: حاتميٌّ وأحنَفيٌّ, والدّين والعلم: حنيفيٌّ وحنفيٌّ»!
ولولا أن الله قد قدَّر لأبي مضر محمود بن جرير الضبي أن يطأ بقدميه أرض خوارزم؛ لما كان للاعتزال في تلك الأنجاد سبيل!
فإن أبا مضر هذا هو الذي نشر مذاهب العدْلية – يعني المعتزلة – في جَنَبات خوارزم وما حواليْها، وعنه أخذ الزمخشري وطوائف من الخوارزميين أصول هذا المذهب المشئوم!
وكان بين الزمخشري وبين أبي الحسن الميداني – صاحب كتاب الأمثال – ما يكون بين الأقران في كل زمان!
وقد عمِلَ فيه تعصُّبه لمذهبه المهيض كلَّ عمل! حتى ساقه ذلك إلى أن يردَّ على شيخ المغرب القاضي عياض استدعائه للإجازة منه! قال صاحب «أزهار الرياض»: «سمعت غير واحد ممن لقيته يخبر: أنَّ القاضي عياض لمَّا بلغه امتناع الزمخشري من إجازته قال: الحمد لله الذي لم يجعل عليَّ يدًا لمبتدع أو فاسق!».
قلتُ: وقد كان يفعل ذلك مع أبي طاهر السلفي أيضًا! لولا أن أبا طاهر عاود الكتابة إليه مرة بعد أخرى – لمَّا كان الزمخشري مجاورًا بمكة- حتى لانت عريكة أبي القاسم وأجاز أبا طاهر بالمكاتبة.
وقاتل الله الشَّره في الاستكثار من الإجازات التي تجرُّ أصحابها إلى ركوب مراكب العطب في السعي لها وتطلُّبَها حتى من أقحاح أعداء السنة وأهلها!
فانظر كيف يدور الزمان بأمثال أبي طاهر السلفي والقاضي عياض حتى يطْلبا الإجازة من مثل هذا الخاسر الأثيم؟
والحاصل: أن الزمخشري غير مدفوع عن الإمامة في علوم العربية وتفسير القرآن، وغريب الحديث. بل كان الرجل في تلك الأمور واحد زمانه، وفرد أوانه، ونادرة أقرانه.
وكم خسر المعرضون عن تصانيفه والنظر في تواليفه لأجل مذهبه؟
لكنه: كان خبيث الاعتقاد! معاندًا في قبول الحق! شديدًا على خصومه! عديم الإنصاف! خائضًا فيما هو بسبيله أودية الاعتساف!
غفر الله لنا وسائر المسلمين، وتجاوز عن هفواتنا نحن معاشرَ الموحِّدين.
فإنه بكل جميل كفيل ... وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكتبه: أبو المظفر السِّناري.
ـ[ملكي1]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 11:40 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[إماراتية]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 02:04 م]ـ
هذا العمل ضياع جهد ووقت
(تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون)
ـ[أبو المظفر السناري]ــــــــ[26 - 11 - 2009, 05:46 م]ـ
هذا العمل ضياع جهد ووقت
فيكون الإفراني والمقري وغيرهما قد أضاعوا جهدهم ووقتهم بالتحدُّث في تلك القضية!!
فالله المستعان.