وهؤلاء كثيرا ما يسلبون أحوالهم وقد يعودون إلى نوع من المعاصي والفسوق بل كثير منهم يرتد عن الاسلام لأن العاقبة للتقوى ومن لم يقف عند أمر الله ونهيه فليس من المتقين فهم يقعون في بعض ما وقع المشركون فيه تارة من بدعة يظنونها شرعة وتارة في الاحتجاج بالقدر على الأمر والله تعالى لما ذكر ما ذم به المشركين في سورة الأنعام ذكر ما ابتدعوه في الدين وجعلوه شرعة كما قال تعالى: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء)، فهي واقعة بالأمر الكوني لا الشرعي، وقد ذمهم على أن حرموا ما لم يحرمه الله وأن شرعوا ما لم يشرعه الله وذكر احتجاجهم بالقدر في قوله تعالى: (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء)، ونظيرها في النحل ويس والزخرف، (وقد سماهم شيخ الإسلام، رحمه الله، في غير هذا الموضع بـ: "المشركية" لأنهم ضاهوا المشركين الذين احتجوا بالقدر على المعصية، فهم من أهل: إياك نستعين، لا: إياك نعبد، وما نفع استعانة بلا عبادة؟!!!).
وأما القسم الثالث: وهو من أعرض عن عبادة الله واستعانته به فهؤلاء شر الأقسام، (فلا هم من أهل: إياك نعبد، ولا هم من أهل إياك نستعين!!!).
وفيهم يصدق قول أبي الطيب:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم تسعد الحال!!!.
والقسم الرابع هو: القسم المحمود وهو حال الذين حققوا إياك نعبد وإياك نستعين وقوله: (فاعبده وتوكل عليه)، فاستعانوا به على طاعته وشهدوا أنه إلههم الذي لا يجوز أن يعبدوا إلا إياه بطاعته وطاعة رسوله وأنه ربهم الذي: (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) وأنه: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده). (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله). (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته)، ولهذا قال طائفة من العلماء: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع وإنما التوكل المأمور به ما يجتمع فيه مقتضي التوحيد والعقل والشرع".
وهي قسمة عقلية بديعة من أبي العباس، رحمه الله، فصل فيها مراتب العباد في هاتين المنزلتين، فلا يخرج عبد عن إحدى هذه المنازل الأربعة.
بتصرف من "التحفة العراقية"، ص43_49.
اللهم اجعلنا من أهل: "إياك نعبد وإياك نستعين"، فلا صلاح لنا إلا بعبادتك، ولا تحول لقلوبنا وجوارحنا عن المعصية إلى الطاعة إلا بمعونتك.
والله أعلى وأعلم.
ـ[زنوبيا]ــــــــ[13 - 05 - 2007, 10:49 ص]ـ
جزاك الله خير على هذا التذكير الطيب
ـ[أبو طارق]ــــــــ[13 - 05 - 2007, 04:26 م]ـ
بيض الله وجهك وأنار دربك أستاذنا الكريم
ـ[أخت العرب]ــــــــ[13 - 05 - 2007, 04:29 م]ـ
جزاك الله خيراً وسدد خطاك ووفقك لما يحبه ويرضاه.
ـ[نردين]ــــــــ[13 - 05 - 2007, 07:27 م]ـ
اللهم اجعلنا من أهل: "إياك نعبد وإياك نستعين"، فلا صلاح لنا إلا بعبادتك، ولا تحول لقلوبنا وجوارحنا عن المعصية إلى الطاعة إلا بمعونتك.
اللهم آآآآآآمين
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك