تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عن: "إياك نعبد وإياك نستعين"]

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 05 - 2007, 06:46 ص]ـ

وعن: (إياك نعبد وإياك نستعين).

عن: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).

فـ: "إياك نعبد": متعلق الألوهية، حق الله على العبيد.

و: "إياك نستعين": متعلق الربوبية، فلا استعانة إلا بمن يملك تصريف الأسباب وفق ربوبيته العامة لكل الخلائق.

و "إياك نعبد": مطلوب العبد وغايته.

و: "إياك نستعين": وسيلة العبد في طريقه إلى منزلة "إياك نعبد".

والغاية أشرف من الوسيلة، ولذا قدمت عليها.

و: "إياك نعبد": تنفي الشرك، ففيها حصر العبادة على الرب جل وعلا.

و: "إياك نستعين": تنفي الكبر والعجب، فالعبد، وإن كان مأمورا بتحصيل الأسباب الشرعية والدنيوية النافعة، إلا أنه لا استقلال له بذلك، بل هو مفتقر لخالقه وخالقها، فإن شاء أقدره فضلا، وإن شاء أعجزه عدلا، وفي الحديث: (وأعوذ بك من العجز والكسل).

وغالب العباد مقصر في هاتين المنزلتين: فبين مقصر في "إياك نعبد" فتراه مقصرا في الأمر الشرعي، وبين مقصر في "إياك نستعين" فتراه معجبا بعمله إن وفق لطاعة، فينسبها لنفسه ولسان حاله: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي).

عن هذه الثنائية يقول أبو العباس رحمه الله:

"فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يحرص على ما ينفعه وأن يستعين بالله وهذا مطابق لقوله: (إياك نعبد وإياك نستعين)، وقوله: (فاعبده وتوكل عليه)، فإن الحرص على ما ينفع العبد هو طاعة الله وعبادته إذ النافع له هو طاعة الله ولا شيء أنفع له من ذلك وكل ما يستعان به على الطاعة فهو طاعة وإن كان من جنس المباح قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لسعد: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة حتى اللقمة تضعها في في امرأتك) .............................. فهذا الموضع قد انقسم الناس فيه على أربعة أقسام:

فقوم ينظرون إلى جانب الأمر والنهي والعبادة والطاعة شاهدين لألوهية الرب سبحانه الذي أمروا أن يعبدوه ولا ينظرون إلى جانب القضاء والقدر والتوكل والاستعانة وهو حال كثير من المتفقهة المتعبدة فهم مع حسن قصدهم وتعظيمهم لحرمات الله وشعائره يغلب عليهم الضعف والعجز والخذلان، لأن الاستعانة بالله والتوكل عليه واللجأ إليه والدعاء له هي التي تقوى العبد وتيسر عليه الأمور

ولهذا قال بعض السلف: (من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله)، (فالغالب عليهم: العجز عند المصيبة والعجب عند الطاعة، فهم من أهل: إياك نعبد، لا: إياك نستعين، ومن وكله الرب، جل وعلا، إلى نفسه فهو هالك لا محالة وإن كان أقوى الناس وأصبرهم على طاعة)

وقسم ثان: يشهدون ربوبية الحق وافتقارهم إليه ويستعينون به لكن على أهوائهم وأذواقهم غير ناظرين إلى حقيقة أمره ونهيه ورضاه وغضبه ومحبته وهذا حال كثير من المتفقرة والمتصوفة ولهذا كثيرا ما يعملون على الأحوال التي يتصرفون بها في الوجود لا يقصدون ما يرضي الرب ويحبه. وكثيرا ما يغلطون فيظنون أن معصيته هي مرضاته فيعودون إلى تعطيل الأمر والنهي ويسمون هذا حقيقة، (فالحقيقة عندهم حقيقتان: ظاهرة للعوام أهل التقليد وباطنة للخواص أهل التحقيق!!!)، ويظنون أن هذه الحقيقة القدرية يجب الاسترسال معها دون مراعاة الحقيقة الأمرية الدينية التي هي تحوي مرضاة الرب ومحبته وأمره ونهيه ظاهرا وباطنا.

(فحصل الخلط عندهم من عدم التمييز بين: الحقيقة القدرية التي يستوي فيها البر والفاجر، والحقيقة الشرعية التي يتميز بها البر عن الفاجر، فمن ألزم نفسه اتباع الشريعة ظاهرا وباطنا فهو الممدوح، ومن احتج على الشرع بالقدر، فعصى الرب جل وعلا، بزعم موافقة الأمر الكوني فهو المذموم).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير