تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وعن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم]

ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 05 - 2007, 07:36 ص]ـ

[وعن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم]

فهي من جهة دلالتها على ذاته صلى الله عليه وسلم: مترادفة، ومن جهة دلالتها على ما تضمنته من صفات: متباينة، يقول ابن القيم رحمه الله:

"فصل في أسمائه صلى الله عليه وسلم:

وكلها نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال".

زاد المعاد، (1/ 30).

فلمحمد صلى الله عليه وسلم من أسماء البشر أجملها، ومن الأوصاف أكملها، فهو الذي شرفه الله، عز وجل، بتمام العبودية، فوصفه بها في أشرف المقامات:

في مقام الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

وفي مقام الدعاء: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا).

وهو الذي اختار شرف العبودية والرسالة على سلطان الملك والنبوة.

فـ: محمد: الذي يمدح، و: محمود: الذي يمدح أيضا، ولكن: محمد أبلغ في المدح، (فاشتركا في المعنى الكلي للمدح، واستقل: محمد، بزيادة مدح).

يقول ابن القيم رحمه الله:

"أما محمد فهو اسم مفعول من حمد فهو محمد إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها ولذلك كان أبلغ من محمود فإن محمودا: من الثلاثي المجرد، "حمد، بتخفيف الميم ومحمد: من المضاعف للمبالغة، "حمد، بتشديد الميم"، فهو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره من البشر". اهـ

زاد المعاد، (1/ 31).

و "أحمد": هو أحمد الناس لربه، أو: أحق الناس وأولاهم بأن يحمد، والفرق بينه وبين "محمد": أن محمدا في الكثرة والكمية وأحمد في الصفة والكيفية.

بتصرف من "زاد المعاد"، (1/ 33).

و "الماحي": هو الذي محا الله به الكفر.

و "الحاشر": هو الذي يحشر الناس على قدمه فكأنه بعث ليحشر الناس.

و "العاقب": الذي جاء عقب الأنبياء، فلا نبي بعده.

و "المقفي": الذي قفى على آثار من تقدمه، فقفى الله، عز وجل، به على آثار من سبقه من الرسل.

وهكذا، لكل اسم معنى يستقل به مع كون الأسماء كلها تدل على ذات واحدة، وقد عقد ابن القيم، رحمه الله، فصلا بديعا في شرحها في "زاد المعاد"، (1/ 30_35).

فمحمد صلى الله عليه وسلم هو: الممدوح المحمود، فهو قبل الرسالة:

ممدوح بما جبله الله، عز وجل، عليه من كريم الخُلق وجميل الخَلق.

عنه تقول أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: (إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ).

والمدح يكون في الأمور الاختيارية، من كريم الأخلاق، وله منها القدح المعلى، ويكون في الأمور التسخيرية الجبلية، وهو أحسن الناس خَلقا وجبلة.

فهو رجل عظيم قبل النبوة، اصطفاه الله، عز وجل، ابتداء، بما جبله عليه وحلاه به من جمال ظاهر وكمال باطن، ثم اصطفاه نهاية بآخر رسالات السماء: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

وأما الحمد فلا يكون إلا في الأمور الاختيارية، وهو أسد الناس اختيارا:

ما اختار إلا الطيب من الأخلاق فتحلى بها.

وما اختار إلا الطيب من الشراب، فأصاب الفطرة باختيار اللبن دون الخمر.

وما اختار إلا الطيب من الطعام، فكان يعجبه من الشاة ذراعها.

وما اختار إلا الطيب من النساء، فزوجاته أمهات المؤمنين، العفيفات الطاهرات المبرءات من كل سوء

وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

(ومن علم أن الرسول أعلم الخلق بالحق وأفصح الخلق فى البيان وأنصح الخلق للخلق علم أنه قد اجتمع في حقه كمال العلم بالحق وكمال القدرة على بيانه وكمال الإرادة له ومع كمال العلم والقدرة والإرادة يجب وجود المطلوب على أكمل وجه فيعلم أن كلامه أبلغ ما يكون وأتم ما يكون وأعظم ما يكون بيانا لما بينه في الدين من أمور الإلهية وغير ذلك).

"مجموع الفتاوى"، (17/ 129).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير