تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فلندع (الموهوب) يشيد مركزه البحثي بنفسه .. !]

ـ[المعتمد بن عباد]ــــــــ[20 - 05 - 2007, 11:52 م]ـ

لا يكاد أحد من الناس ينازع في أن العرب والمسلمين في ذيل الركب العالمي حضاريا وعلميا ودائما ما تصنف الدول العربية والإسلامية في قائمة الدول (النائمة) عفوا النامية في صورة مستمرة مكررة عاما بعد عام وزمنا بعد زمن , ولم نلمس طوال الأعوام الماضية نموا أو تطورا ملموسا يمكن عن طريقه أن تخرج هذه الدول من تلك القائمة لتلحق بركب دول أخرى صعدت إلى قوائم وتصنيفات أعلى على كافة المستويات أو على مستويات خاصة أو جزئية , وإنما للأسف الشديد بقيت هذه الدول تراوح مكانها إلى اليوم!

وعلى الرغم من وجود طاقات وإمكانات بشرية ومادية وجغرافية هائلة إلا أن هذا لم يزد تلك الدول إلا فقرا وتراجعا وظلامية , بل إن معظم تلك الإمكانات الهائلة أهدرت في مباذل ومصارف استهلاكية لا تعود على الأمة بفائدة فضلا على أن تؤسس قواعد وأساسات إستراتيجية تنظر لما بعد وتستشرف الغد.

وربما وجدت بعض المراكز البحثية في بعض الأقطار العربية سواء في النواحي السياسية أو التكنولوجية أو غيرها إلا أنها لم تنتج فائدة تذكر أو لم تقدم تحركا ملموسا يدفع تلك الدول إلى التقدم أو التطور , بل أكاد أجزم أن تلك المراكز كانت وما زالت أشبه بالدوائر الحكومية الرسمية حيث تقوم بتوفير مجموعة من الوظائف يشغلها موظفون يدَّعون البحث العلمي ثم يحالون إلى التقاعد ولم يقدموا شيئا يذكر لشعوبهم ودولهم ومجتمعاتهم .. !

وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن لدينا في العالم العربي والإسلامي مجموعة لا بأس بها من المركز البحثية المتعلقة بالدراسات السياسية , وهذه المراكز تركز على صفة (الإستراتيجية) دائما وهذا من العجائب والغرائب التي يقف أمامها المرء مدهوشا إلى أبعد حدود الدهشة, مأخوذا إلى أبعد حدود الأخذ؛ لأنه من المتعارف في الأمور (الإستراتيجية) أنها تستشرف الغد وتعيش الواقع وتقوم على الماضي وتستفيد منه , إلا أن هذه المراكز في الدول العربية والإسلامية كانت حبرا على ورق , وعناوين مفرغة من الحقيقة , فقد رأينا دولا عربية وإسلامية احتلت ونهبت بدعاوى زائفة كاذبة , في ظل صمت تلك المراكز البحثية (الإستراتيجية) المزعومة .. !

وهذا ما يؤكد قولي آنفا من أن تلك المراكز لم تقدم فائدة (إستراتيجية) واحدة يمكن أن تطور الأمة أو حتى تدفع عنها الضرر الذي يمكن أن يلحق بها , وإنما هي أشبه بدوائر حكومية تؤمن وظائف ورحلات سياحية فقط ...

ولعل لسائل أن يسأل الآن فيقول: إذا كان هذا هو الحال فما هو الحل؟؟؟

وللإجابة على سؤال هذا السائل المتيقظ الفطن أقول: إن الحل قد جاء منذ زمن ليس ببعيد مع رجل عظيم سوف يسجله له التاريخ وتشكره عليه الأجيال القادمة جيلا بعد جيل.

هذا الرجل هو خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ فعندما كان الملك عبد الله بن عبد العزيز وليا للعهد أطلق مشروعا عظيما و (إستراتيجيا) وفريدا من نوعه تحت مسمى (مشروع الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين) وذلك لاستقطاب جميع الموهوبين والعباقرة وصُنَّاع المستقبل وعلماء الغد الذين سوف نرتقي بهم ــ بعون الله ــ إلى أعلى المراتب ونتسنَّم أشرف المراكز ونضع بأيدينا لبنةً في حضارة الإنسان تكون شاهدا لنا أمام التاريخ.

وكل الذي نطلبه الآن بعد هذه الخطوة المباركة من خادم الحرمين الشريفين هو الاستمرار الاهتمام الحكومي والخاص لدفع هذا المشروع إلى الإمام والقضاء على كل العقبات والمصاعب التي تواجه تقدمه وتعيق تطوره.

ولا شك أن الموهوب يحتاج منا مرونة كبيرة ومساعدة خاصة بل (استثنائية) , وهذا من أبسط حقوقه على مجتمعه وأمته , ومن ذلك مثلا قفزه على المراحل التعليمية العامة , وإعفاؤه من كثير من (البيروقراطيات) المقيتة التي ربما تحبطه أوتئدُ موهبته في مهدها.

ومن المهم ألاّ ننسى النواحي المادية التي يجب أن ننفقها بسخاء شديد على كافة الدراسات والبحوث والأفكار والمشروعات والاكتشافات , دون تأخر أو تباطؤ , ونكون منقادين في ذلك إلى ما يقوله (الموهوب) لا إلى ما نقوله نحن حتى لا نكرر مآسي مراكز البحوث (الإستراتيجية) الحكومية التي صرفت كثيرا إلا أنها لم تنتج إلا موظفين متقاعدين ..

وأخيرا فلينطلق (الموهوبون) كلٌ في الاتجاه الذي يريد , وليقدموا ما لديهم من اكتشافات واختراعات , ولينشئوا مراكزهم البحثية بأيديهم وعلى مواصفاتهم الخاصة وبالشكل الذي يناسب اتجاهاتهم وميولهم ليصنعوا لنا حضارة جديدة تجعل البوصلة تتجه إلينا من جديد ... إلى اللقاء.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير