تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لما أيقنت بهذا اطمأنت نفسي ..]

ـ[التواقة]ــــــــ[19 - 05 - 2007, 09:41 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد:

فمن خلال تصفحي لبعض المواقع وجدت هذا الموضوع .. الذي وقع على نفسي موقعاً عجيباً .. موضوع لم يأتِ بجديد .. إلا أن فيه تذكرة لأولي الألباب .. حيث أن الله قدَر الخير على المؤمن وجعله رفيقاً له في كل أحواله .. !!

فالنفس الإنسانية بطبعها جزوعة وقت المصائب كما ذكر الله عنها في كتابه .. بطرة منوعة وقت الرخاء .. إلا مارحم الله .. وإن مما يعين على استحضار الخيرة التي قدرها الله على عباده المؤمنين .. هو قراءة مثل هذه المواضيع التي تكون زاداً وقت الشدة وعوناً للمؤمن بعد الله في خروجه من المحنة بأجر عظيم وبرضى تام عن أقدار الله المؤلمة ..

فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين له مؤمنين به .. حمداً لامنتهى له ولا مبلغ إلى يوم الدين .. حمداً كمايليق بجلاله وعظمته .. حمداً يوازي نعمه ويكافيء مزيده ..

فإلى هذا الحديث العذب حيث سكن النفوس المؤمنة ..

::

قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم:

عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له. رواه مسلم.

وعند الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله ومم تضحك؟ قال: عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير؛ إن أصابه ما يحب حمد الله، وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن.

تأمّل:

أحد السلف كان أقرع الرأس، أبرص البدن، أعمى العينين، مشلول القدمين واليدين، وكان يقول: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له: مِمَّ عافاك؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول. فَمِمَّ عافاك؟

فقال: ويحك يا رجل! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وبَدَناً على البلاء صابراً!

سبحان الله أما إنه أُعطي أوسع عطاء

قال عليه الصلاة والسلام: من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر. رواه البخاري ومسلم.

وعنوان السعادة في ثلاث:

• مَن إذا أُعطي شكر

• وإذا ابتُلي صبر

• وإذا أذنب استغفر

وحق التقوى في ثلاث:

• أن يُطاع فلا يُعصى

• وأن يُذكر فلا يُنسى

• وأن يُشكر فلا يُكفر ..

كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.

فالمؤمن يتقلّب بين مقام الشكر على النعماء، وبين مقام الصبر على البلاء.

فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالى.فيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماءوهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا وسوف تزول، وما من حزن إلا ويعقبه فرح، وأن مع العسر يسرا، وأنه لن يغلب عسر يُسرين.

فلا حزن يدوم ولا سرور = ولا بؤس يدوم ولا شقاء

فالمؤمن يرى المنح في طيّات المحن

ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل!

ويرى في الصفحة السوداء نُقطة بيضاء

وفي سُمّ الحية ترياق!

وفي لدغة العقرب طرداً للسموم!

ولسان حاله:

مسلمٌ يا صعاب لن تقهريني = صارمي قاطع وعزمي حديد!

ينظر في الأفق فلا يرى إلا تباشير النصر رغم تكالب الأعداء

وينظر في جثث القتلى فيرى الدمّ نوراً

ويشمّ رائحة الجنة دون مقتله

ويرى القتل فوزاً

قال حرام بن ملحان رضي الله عنه لما طُعن: فُزت وربّ الكعبة! كما في الصحيحين

عندها تساءل الكافر الذي قتله غدرا: وأي فوز يفوزه وأنا أقتله؟!

هو رأى ما لم ترَ

ونظر إلى ما لم تنظر

وأمّل ما لم تؤمِّل

المؤمن إن جاءه ما يسرّه سُرّ فحمد الله

وإن توالت عليه أسباب الفرح فرِح من غير بطر

يخشى من ترادف النِّعم أن يكون استدراجا

ومن تتابع الْمِنَن أن تكون طيباته عُجِّلت له

أُتِيَ الرحمن بن عوف رضي الله عنه بطعام وكان صائما، فقال: قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني كُفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال - أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. رواه البخاري.

إن أُنعِم عليه بنعمة علِم أنها محض مِنّة

يعلم أنه ما رُزق بسبب خبرته، ولا لقوة حيلته

فمن ظن أن الرزق يأتي بقوّة = ما أكل العصفور شيئا مع النّسر!

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

لو كان بالحِيَل الغنى لوجدتني = بأجلِّ أسباب اليسار تعلّقي

لكن مَن رُزق الحِجا حُرم الغنى = ضدّان مفترقان أي تفرّق

والمؤمن إذا أصابه خيرٌ شكره، ونسب النّعمة إلى مُسديها، ولم يقل كما قال الجاحد: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)

أو كما يقول المغرور: (إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)!

فالمؤمن في كل أحواله يتدرّج في مراتب العبودية

بين صبر على البلاء وشكر للنعماء

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها الى شكر، وذنب منه يحتاج فيه الى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما، فإنه لايزال يتقلب فى نعم الله وآلائه، ولا يزال محتاجا الى التوبة والاستغفار. اهـ.

فالعبد يعلم أنه عبدٌ على الحقيقة، ويعلم بأنه عبدٌ لله، والعبد لا يعترض على سيّده ومولاه.

واعلم بأنك عبدٌ لا فِكاك له = والعبد ليس على مولاه يعترضُ

عجبا لأمر المؤمن! *

************

*منقول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير