وكانَ الإنسانُ عَجُولا!
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 05:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الراغب الأصفهاني: «العجَلَةُ: طلبُ الشيءِ وتحرِّيه قبلَ أوانِهِ، وهو مِنْ مقتضى الشَّهوة، فلذلك صارتْ مذمومةً في عامَّة القرآن حتى قيل: «العجَلةُ مِنَ الشَّيطان». [«مفردات ألفاظ القرآن» تحقيق صفوان داوودي، ص: 584] اهـ.
وطلبُ الشيء قبل أوانِه مذمومٌ في الشرع والعقل، ولقد قيل «من طلبَ الشيء قبل أوانه عوقِبَ بحرمانه».
والنفس تعالج أمورًا تطلب من وراءها مجدًا أو صلاح حال أو اكتساب خير، فتغلبها العجلة التي قد تحملها على قَطْع العلاج لإدراك المطلوب، فتُحرَم النفس من درَك المطلوب لانقطاع الطريق إليه.
ومع الصبر والأناة يكون الظفر والسلامة.
ولو نظرنَا في أنفسنا وأحوال مجتمعنا لوجدنَا للعجلة المذمومةِ عُثُوًّا فتح لليأس أبوابًا كانت خالية من جنود الصبر، ومدَّ طريقَ المجد بعقباتٍ من الخوَر.
لستُ بريئًا من هذا الذي أذمه؛ لكنني أشكو، وأدعو، وأستحث ...
أشكو حالا شملتني وغيري.
وأدعو نفسي وغيري إلى الاعتبار بما مضى، والانزجار عن ما أدركنَا حقيقةَ السوء الذي فيه.
وأستحث النفسَ التي تعلم سبيل الحق أن تصبرَ عليه، ولا تعجَل!
إنَّ الكاتب الذي ينصرف عن ما تتغذى منه ملكَتُه وتتسع به ثقافتُه، لِيَخوضَ في ميدانٍ ليس له، فيزعج المتذوقين بركيك قولِه وسقيم معانيه، ويتعطَّلُ عن الدرس الذي ينبغي لمن يطلبُ هذا الشأن .. فينكشف له مع الأيام أنه قد تعب بلا تحصيل، ليصحبَ اليأسَ من مبتغى نفسِه! إنَّ هذا الكاتب مَثَلٌ من أمثلةِ ضحايا العجَلةِ.
والطالبُ لصلاح حال الأمَّة أحوج للصبر والأناة؛ إذ إنَّ مغبَّةَ عجلتِه –إن تعجَّل- عائدةٌ على أمَّتِه لا عليه هو فقط. والفساد الذي يجرُّه التعجُّل لا يمسّ أمورَ الدنيا فقط بل يصل إلى أمور الدين.
فمن أهل الغيرَة من تطغى عاطفتُه على عقلِه، فيخرج عن سبيل الإصلاح المشروع، فيقع –نتيجةَ ذلك- ما نراه ظاهرًا في واقعنا المعاصر، من سلوك لسبيل الخوارج، ووقوع في فساد عريض –باسم الإصلاح- ليكون ضربًا من ضروب الجهل والفساد، يدعو أهل العلم والصلاح -بحق- إلى إصلاحه!.
هكذا بدافعِ الحب ننأى عن محبوباتنا ونلقي بأنفسنا في مكان سحيق!.
ناصر الكاتب
حُرِّرَ في ليلةِ الأربعاء 27/ 5 / 1428هـ.
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 08:21 ص]ـ
سلمت يمينك
أخي ناصر الكاتب
قيل أيضاً في العجل
إني لأرجو فيك خيراً عاجلاً .... والنفس مولعة بحب العاجل
أحياناً قد يكون العجل فيه خير
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 10:22 ص]ـ
موضوع شيق بارك الله فيك أخي الكريم ناصر الكاتب، ولا شك أن العجلة لها مراتب وأصناف شتى، فأنت تطرقت الى المذمومة منها، مثل: .... "وخلق الإنسان عجولا ... " وهناك أيضاً .... "وعجلت إليك ربي لترضى .... " والله أعلم.
ـ[همس الجراح]ــــــــ[15 - 06 - 2007, 06:00 ص]ـ
حتى في القرآن الكريم حين قال موسى لربه " وعجلت إليك ربّ لترضى " بين الله تعالى له أن هذا التصرف ليس سليماً " وما أعجلك عن قومك يا موسى " وبين أن عليه أن يكون مع قومه حين فتنهم الله " اختبرهم " ليدلهم موسى عليه السلام على الصواب ويربيهم
فالعجلة مذمومة في كثير من الأمور.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[15 - 06 - 2007, 09:33 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم همس الجراح،لاننسى أن موسى عليه السلام نبي الله واذا كان هناك من عتاب فهو من باب عتاب الحبيب للحبيب ولننظر النتيجة،فالحوار انتهى هنا،وهناك دلائل أخرى كثيرة تؤيد الإستعجال في الأمور مثل خير البر عاجله،الإفطار في رمضان،الصدقة، إعطاء أجر العامل اجره قبل أن يجف عرقه مثلاً والقائمة تطول أخي الكريم،وأنا معك ان العجلة أكثرها وليس كلها مذمومة.
ـ[فارس]ــــــــ[16 - 06 - 2007, 03:56 م]ـ
بوركتم أيها الفصحاء
ـ[عيون المها]ــــــــ[16 - 06 - 2007, 06:30 م]ـ
بوركتم، ومعلومات رائعة، وقيمة
ـ[مصطفى السامرائي]ــــــــ[08 - 07 - 2007, 01:31 ص]ـ
:::
بوركتم ايها الاخوة والاصح ان يقال ان العجلة مذمومة في كل شيء الا في طاعة الله تعالى فالعجلة محمودة والله اعلم.
والعتاب لموسى عليه السلام لم يكن لقوله (وعجلت اليك ربي لترضى) وانما العتاب كان (وما اعجلك عن قومك ياموسى) لانه ترك قومه.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[08 - 07 - 2007, 06:38 م]ـ
بورك فيكم أيها الفصحاء الكرام، شكرك الله لكم هذا الحوار الماتع موضوعاً وأسلوباً. وهذا يغريني بالمشاركة.
نعم، من تأنى وجد ما تمنى، ولكل من التأني والعجلة مواضع لايحمد فيها الآخر، وإن كان الأصل والأكثر هو مدح التأني وذم العجلة، حتى قيل: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، وما أحسن قول القطامي في لاميته الرائعة:
قد يدرك المتأني بعض حاجته*وقد يكون مع المستعجل الزلل
وربما فات أناساً جلُ أمرهم* من التأني وكان الحزم لو عجلوا
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
¥