[وماذا بعد إعصار جونو؟]
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[08 - 06 - 2007, 12:55 م]ـ
لأول مرة في حياتي تمنيت لو كنت عسكرياً في الجيش بدلاً أن أكون معلماً ..
ذلك عندما رأيت هؤلاء الفرسان يتقافزون من سياراتهم العسكرية البرمائية كأنهم أسود أشاوس لكي يساعدوا أهل "سهيلة" في منطقة كلباء و"شرم" في الفجيرة ..
تمنيت ساعتها لو كنت معهم وبرشاقتهم أخوض في تلك المياه والأوحال وأحمل على ظهري عجوزاً، أو أدفع بيدي سيارة غارقة أو أمنع عن شخص ضرراً ..
قمة سعادتي أن أقدم ما يسعد الآخرين ويخفف عنهم ..
كثيرة هي الابتلاءات التي يبتلي الله بها عباده وجونو هذا ابتلاء بسيط من الله عز وجل ليظهر قوة إيمان الناس وصبرهم الجميل وحب الأخ لأخيه والجار لجاره والمسلم عموماً للمسلم
أسأل الله تعالى أن يرحم موتى أخوتنا في عمان وأن يتغمدهم برحمته ..
وأسأله أن يصّبر كل مبتلى هُدِم له بيت أو وقع له جدار أو عطبت له سيارة أو نفقت له ماشية ..
كلها أضرار مادية تهون مقابل حفظ النفس والولد ..
في الابتلاءات تظهر المعادن الجميلة
يظهر الذهب الأصلي من المقلد ..
وأنا أشهد أن شعب دولة الإمارات - حكاماً ومحكومين -، ذهب أصلي، ومعادن نفيسة، وجواهر غالية،،
أثبت هذا الشعب قوة حبه لبعضه وقوة تلاحمه وقت الشدائد، وقوة نكرانه لذاته،،
وأشهد لتلفزيون الشارقة – إدارة وعاملين - شعورهم بآلام وطنهم، وتواجدهم في قلب الحدث، ونقلهم للواقع،،
مما قلل من حجم قلقنا على أخوتنا في المنطقة الشرقية ..
فتحية لهم ..
بداية بمديرهم خالد صفر .. ثم بمذيعهم المحبوب محمد خلف، وانتهاءاً بذلك البطل الذي أحبه قلبي من حيث لا أدري، ذلك الشاب الذي طبعت صورته على قلبي، وألفت محياه عيني، واستأنس بصوته سمعي،
إنه مراسل التلفزيون في المنطقة الشرقية الأخ محمد السويجي،
كلما تابعت أخبار الإعصار وجدته يقف شامخاً شموخ أهل الجبال هناك، صورته أعطتني إحساساً بالاطمئنان إن أهلنا هناك بخير،
حتى قلت في نفسي، هذا الرجل ألا يكل، ألا يتعب، حفظه الله وسدد خطاه، وبارك الله فيه وفي ذريته ..
في المقابل كانت بقية قنواتنا غارقة في سباتها ومشغولة كعادتها في مسلسلاتها وأفلامها وبرامجها الفاشلة - وإن كانت على استحياء - تذيع بعض الفقرات في بعض نشراتها المحلية!!
وكأن أهل الشرقية لا يعنوهم في شيء!، وكأن الأعصار يمر في جزر الواق واق وليس في جزء من الوطن الغالي،،!!
ومما لوحظ – وقد أحزن كل محب لهذه الأرض الطيبة - والذي أرجو أن يقف مسؤولينا عندها بكل قوة وشدة؛ جشع بعض التجار واستغلالهم المصيبة برفع أسعار السلع والفنادق والشقق المفروشة في تلك المناطق،
بدلاً أن يقفوا وقفة تلاحم ومواساة وتراحم،،
وكأن الرحمة قد نزعت من قلوبهم، والإنسانية ماتت في جوانحهم، وأصبحت المادة فقط هي التي تحركهم،،
وهذا أمره خطير وتداعياته جسيمة في المستقبل، إن لم تقف الجهات المختصة وقفة صارمة ضدهم ضماناً لعدم التكرار ..
ثم أن أمر البعض عجيب، وهؤلاء هم الفضوليون، ممن يزاحمون ويتزاحمون في المصائب من أجل الفرجة وأخذ الصور للذكرى، وكأن الأمر عندهم مجرد مناسبة للسياحة والتنزه!
لا يقدمون يد العون والمساعدة ولا يعنيهم ذلك بل قد يصبحون عالة في المحن كونهم يشغلون الطرق ويزاحمون أفراد الإغاثة والإسعاف ..
ونسوا أن المسلم مأمور أن يتجنب أماكن الفتن والابتلاءات وألا يدخل أرضاً ابتلاها الله بمصيبة حتى تنجلي تلك المصيبة ..
ونسوا أن البحر لا يضحك وأن الأمطار لا تبتسم دائماً، وإن الرياح قد تصبح ريحاً صفصفاً ..
ويحمل بعضهم أهله وأولاده الصغار ثم يذهب بهم ليستمتع بمناظر الوديان والسيول في عمان في وقت الآخرون فيها في شدة ومحنة،،!!
وقد حصل أن تقطع ببعضهم سبل العودة بعد أن قطعت تلك السيول الطرق،،
فأين عقول هؤلاء وأين تفكيرهم،،
¥