ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[09 - 07 - 2007, 03:31 ص]ـ
:::
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيهذا العربي المستعجم. حياك الله أخي في الفصيح وبيّاك, وثبّت على طريق تجويد العربية خطاك.
أُكبر فيك أخي هذه الهمّة العالية والرغبة الصادقة في تعلّم لغتك لغة الكتاب العظيم , وقد وجدتكم معشر الدارسين للّغة الإنجليزية أو اللغات الأخرى من أشدّ الناس حبًا للعربيّة , وما ذاك - في ظنّي- إلا أنّ من عرف غير العربية حقّ المعرفة كان من أقدر الناس على إدراك عظمة العربية , وقد رأيت كثيرًا من إخواننا وأخواتنا الذين تخصّصوا في دراسة لغات أخرى أشد حماسَةً للّغة العربية وأكثرتعظيمًا لها من بعض من تخصّصوا فيها. وهذا أمرٌ مستقرٌ منذ زمن؛ فإنك ستجد أن أكثر علماء العربية الذين خدموها كانوا من الأعاجم, وتحدثوا عن العربية بكلامٍ لا يصدر حتى عن عربيّ ,ولهم في بيان فضل العربية كلماتٌ مشهورةُ , وأقوالٌ مأثورةُ , وحسبك قولُ البيروني- وكان فارسيًا -: " والله لأن أُهجى بالعربية خيرٌ من أن أُمدح بالفارسية "؛ وهو قولٌ يدلُ على عظم شأن هذه اللغة الشريفة في نفوس أولئك القوم , ولاغرو؛ فقد كان منهم سيبويه وابن جنّي وأبو عليّ الفارسي وغيرهم ممن خدم هذه اللغة, بل كان إمامًا فيها, ويكفي أن تعلم أن كتاب سيبويه -وهو الأعجمي- هو عند أهل هذا الفن " قرآن النحو " ولم يؤلف في النحو كتابٌ مثله , بل إنه قد أودع فيه أسرار لسان العرب , وحكمة فقههم في هذا اللسان , كما أودع ابن جنّي في كتابه:"الخصائص" أسرار صناعة هذه اللغة والنسق الذي بناها عليه أهلها , وتحيّر لدقة ما وُضعت عليه مبانيها ومعانيها بين كونها اصطلاحية أو وحيًا مما أوحاه الله إلى الناس.
وإنما استطردت أخي في الحديث عن هذا لتتشبث بما عزمت عليه وتقبل على ما أنت مقدم عليه , وقد كنت على أن أقوّم بعضَ ما اعوج في كتابتك لولا سبق البشر ,وهو فيما علمته منه إلى الخير سابقا , وكنت سأهمس في أذنه ملتمسًا العذر في التصويب للضيف: بأن الضيف على الضيف مطلقٌ؛ كما هو القول المأثور عندنا, وبأن اللغة اولى بالإكرام , وبأن الضيف طالب قرًى عربيّ, فلا يسوغ العدول عمّا طلب.
والله لقد أحببتك يا بشر , وأكبرت فيك إخلاصك وحرصك على نفع إخوانك , فألبسك الله ثوبَ العافية , ومتعك بالعيشة الراضية ,في هذه وفي الباقية , لتبقى لأهل الفصيح موردًا وافيا , ونبعًا صافيا.
أمّا أنت يا أخي العربي؛فإن ما شكوت منه هو مما يقع فيه كثيرٌ من المختصين في اللغة العربية , وأخص طلابها الذين يمرّون علينا بكرةً وعشيا؛ و والله للغتك - على ما فيها - أجود من لغة كثيرٍ منهم.
أمّا ما ذكرته من الخلط بين الضاد والظاء؛ فهو من الأخطاء الشائعة عند كثيرٍ من أبناء بلدنا , وهو خطأ شائع بسبب الخلط في نطق هذين الصوتين في لهجتنا الدارجة , وسأدلّك على بعض ما يمكنك عمله لإصلاح ما وقع عندك فيهما من لبس:
1 - تعمّد وأنت تقرأ القرآن الكريم أن تدقق النظر في الكلمات المكتوبة بالضاد ,والمكتوبة بالظاء , وحاول أن تعرف الفرق بينها في المعنى , واعمل على إثبات ذلك في ذاكرتك دائمًا وقيّده في كتابٍ تُفرده لهذا الغرض, فإنك لا تعدم - مع الوقت -أن تجدك قد وعيت الفرق بينهما ,وغدوت أكثر حزمًا في كتابتهما , وأبعد من التردد فيهما.
2 - افعل مثلَ ذلك في قراءة كتبٍ عربيةٍ قديمة , وكتبٍ عربيةٍ حديثة؛ فأمّا القديمة فلأنها ستقفك على الرسم الصحيح واللفظ الفصيح والأسلوب الرائق المليح (وهذا سيقوّي , مع قراءة القرآن , ما تشكومنه من ضعفٍ في الأسلوب والإملاء والنحو) , وأمّا الكتب الحديثة فلأنها ستقفك على ما يشيع استعماله في هذا الزمان من ألفاظ اللسان؛ فتُحسنَ كتابته فلا يضرّك الخلط في نطقه, وليس كل كتابٍ مُحدثٍ صالحًا لذلك , ولكن عليك بكتب العقاد وطه حسين والمنفلوطي , وأمثالهم ممّن عُرف بسلاسة الأسلوب وجمال العبارة , واحذر مما في بعضها.
3 - اكتب -وأنت تقرأ في كل ذلك - الكلمات التي يكثر عندك الخطأ فيها , والكلمات الجديدة التي لم تمر عليك من قبل , واجعلها قائمتين متقابلتين , بحيث تضم المتشابه مما يقع فيه الخلط في كتابة هذين الصوتين , ثم احفظهما كما تحفظ قائمة تصريف الأفعال في الإنجليزية, ثم حاول بين الفينة والأخرى أن تتدرب على كتابتها منفردة دون كلل أو ملل ,ثم اكتب بعضها في جملٍ مفيدة , وهذا سيدربك على الصواب في كتابتها من جهة و وسيقوي اسلوبك من جهة , واعرض ما تكتب من الجمل والفقرات على بعض إخوانك هنا أو ممن تتصل بهم في محيطك.
أمّا النحو والإملاء؛ فأضيف إلى ما ذكره الإخوة وما ذكرتُه في الفقرات السابقة -أنّ قراءة النحو على عالم متخصص هو خير وسيلةٍ لتعلّمه , مع التطبيق العملي لما تتعلم. أمّا الإملاء فاتبع فيه ما دللتك عليه في الضاد والظاء مع تغيير ما يلزم.
وأنصحك بالرجوع إلى قائمة المواقع التي تخدم العربية على الشابكة؛ وهي مثبتةٌ هنا في الفصيح في المنتدى العام, وفيها مواقع تعلّم النحو وسائر علوم اللغة.
وفقك الله وقوّاك , وبلّغك -فيما يرضيه- مبتغاك.
¥